الرئيسية / صوت الجهات / الخالة محرزية حالة من ضمن مئات الحالات ببلادنا
الخالة محرزية حالة من ضمن مئات الحالات ببلادنا

الخالة محرزية حالة من ضمن مئات الحالات ببلادنا

الخالة محرزية إمرأة يعرفها القاصي والداني بالمدينة العتيقة بأريانة منذ ما يزيد عن السبعة عقود تقطن بمنزل قبالة مقام سيدي عمار. فارقها زوجها، وتلك سنة الحياة، ليتركها تعيش مع بنتين وحفيدين تصارع من أجل الحياة ومن أجل لقمة العيش بما يتوفر للعائلة كل يوم. ومع تقدمها في السن وبلوغ السادسة والثمانين أصبحت تعاني من وضعها الصحي الحرج، خاصة أمراض القلب. ولكنها بقيت متشبثة بالحياة. وبعد طول هذه المدة تقسو عليها الحياة أكثر لتجد نفسها مهددة بإخلاء منزلها لفائدة ورثاء محتملين ظهروا فجأة بعد وفاة صاحبة المنزل الذي كانت تقطنه في الطابق العلوي، والحال أنّ عائلة الخالة محرزية اعتنوا بصاحبة المنزل في أزمتها الصحية إلى أن وافاها الأجل المحتوم حيث صدر حكم لصالح الورثاء بعد طول هذه المدة. ويوم الخميس 27 ماي 2021 هاجمت القوة العامة المنزل على الساعة السادسة صباحا بطريقة أرعبت كل العائلة ومورس فيها عليهم العنف اللفظي والمادي حسب شهادة أفراد العائلة. ولم يشفع للخالة محرزية لا سنها ولا حالتها الصحية هي وإحدى بناتها التي تعاني من مشاكل صحية هي الأخرى. ولم تقف الحادثة عند هذا الحد، فقد اقتاد أعوان البوليس الجميع إلى مركز الأمن بما في ذلك الخالة محرزية ليحتجزوها بالمركز ويحرموها من تناول دوائها من الساعة السادسة صباحا إلى الثانية بعد منتصف النهار. وبعد أخذ وردّ تجبر الخالة وبناتها وأحفادها على الإمضاء على التزام لعدم الاقتراب من المنزل رغم أنّ كل أثاثهم ومستلزماتهم ما تزال به لتجد نفسها وبناتها وأحفادها بالشارع دون سكن.
والسؤال هنا كيف للسلط الجهوية أن تسمح بحدوث هذا رغم أنّ الدستور ينصّ على توفير المسكن اللائق لكل مواطن؟ وكيف تغظّ السلط الجهوية الطرف عن ممارسة العنف تجاه هذه العائلة؟
ما عاشته الخالة محرزية وبناتها وأحفادها هي عيّنة من آلاف الحالات ببلادنا. فكم من عائلة تعيش ظروفا قاسية دون سكن خاص بها ومنظومة الحكم غير مبالية بهم ولا بمشاكلهم.
إنّ الحكومات المتعاقبة على بلادنا لم تفكر يوما في أبناء الشعب ولم تكترث لهمومهم ومشاغلهم. بل هي في خدمة أصحاب المال تقدم لهم الامتيازات وتسنّ قوانين على مقاسهم ليزدادوا غنى على حساب المفقرين والجياع وكأنّ لسان حالهم يقول أنتم لا تستحقون الحياة.
لذلك على الشعب التونسي اليوم أن يعي أنه يصوّت في كل مرة لجلاديه وأنه لن يتغير حاله وحال البلاد سوى برحيل كامل منظومة الحكم وإقامة جمهورية شعبية تمهيدا لنظام يقضي على الفوارق بين أفراد الشعب ويحقق العدالة الاجتماعية حتى لا تجد الخالة محرزية وأمثالها نفسها في مثل هذه المعاناة.

عبد الباسط زقية

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×