الرئيسية / صوت العالم / عندما يسقط بعض من النخبة في “العبودية الطوعية”
عندما يسقط بعض من النخبة في “العبودية الطوعية”

عندما يسقط بعض من النخبة في “العبودية الطوعية”

جيلاني الهمامي

تندلع الحرب عند بلوغ التناقضات أوج احتدامها وتتخذ الصراعات طابعا سافرا بأشد درجة. وعامة ما تكون مناسبة تتضح فيها الخطوط الفاصلة بين المعسكرين المتحاربين وتتم فيها عملية فرز تلقائية وسريعة بما لا يدع للحيادية واللامبالاة مكانا. في الحرب إما معي أو ضدي. ومن ليس معي فهو ضدي. هكذا قال جورج بوش الابن للرئيس الفرنسي جاك شيراك ذات مرة في الحرب على أفغانستان بعيد أحداث 11 سبتمبر. وهو في الحقيقة لم يأت بحكمة جديدة إنما ردد لغة المنطق القديم الذي عايش كل الحروب التي عرفتها البشرية وخاصة في العصر الحديث.

الحرب الدائرة الان في غزة وكامل فلسطين المحتلة لم تشذ منذ لحظة اندلاعها عن هذه القاعدة. وانقسم العالم إلى صفين من مع الكيان الصهيوني ومن مع غزة وحركة التحرير الوطني الفلسطيني. فالدول والحكومات والشركات الكبرى والاحتكارات العابرة للقارات ووسائل الإعلام بمختلف مؤسساتها والنخب والأحزاب السياسية والفنانون والمبدعون ونجوم الكرة وجماهير أبناء الشعوب انقسموا صفين. لكن وفي ظل اختلال موازين القوة رجحت الكفة لصالح صف دون الآخر. لقد اصطفت أغلب الدول وراء الكيان الصهيوني، الولايات المتحدة الامريكية وكامل أوروبا وحتى من لم يصطف من الدول فقد اختبأ وراء “إطلاق سراح الأسرى أو المخطوفين” أو “حماية المدنيين” وتناسى جوهر القضية ولب الصراع الدائر ألا وهو استعمار وحركة تحرر وطني. وقليلة هي الدول، كدول، من اختار صف الحق ونأى إلى الموقع الذي كان يفترض أن تذهب إليه كل الدول تقريبا وهو موقف المتباين مع الكيان الصهيوني والقطيعة معه مثلما فعلت بوليفيا وكولمبيا. المخزي في كل هذا، فيما يخص الدول، هو مرة أخرى موقف الدول العربية الذي وكالعادة جاء ليؤكد وبشدة الخيانة الموصوفة للحكام الرجعيين، ملوكا وأمراء ورؤساء بلا استثناء تقريبا، بدءا ممن ركب صهوة الجمل الرنانة وخطاب المزايدة (لأغراض انتخابية) مقابل التصويت بشكل يخدم الكيان الصهيوني في الجمعية العامة للأمم المتحدة وصولا إلى من ندد صراحة وبكل وقاحة بالعمل البطولي للمقاومة الفلسطينية المسلحة يوم 7 أكتوبر الماضي وأعني به دولة الإمارات.
وإن لم يكن ذلك مستغربا فإنّ الشعوب العربية كانت هي الأخرى في الموعد مع ما تقتضيه اللحظة إذ هبت في الضفة الغربية والأردن وفي العراق وتونس واليمن والمغرب تلهج بكل تعابير الفخر والاعتزاز ببطولات المقاومة ولتعلن غضبها واحتجاجها عما يقترف في حق شعب غزة الابي. ورغم أنّ الهبة الشعبية العربية لم تكن في مستوى الحدث كما لم ترتق إلى ما كانت عليه تحركات شعوب أخرى في تركيا ولندن واندونيسيا وغيرها فإنّ التظاهرات الشعبية التي عرفتها العواصم والمدن العربية تعتبر مهمة بالنظر إلى جملة من المعطيات التي حفت بها.

هجوم الثورة المضادة ومنطق التسوية
أولا اندلعت هذه الحرب في مرحلة تاريخية استمرت لأكثر من ثلاثين سنة وبالتحديد منذ ما بعد اجتياح بيروت صائفة 1982 تميزت على العموم بهجوم كاسح من قبل الكيان الصهيوني الذي أخذ زمام المبادرة في الصراع العربي الصهيوني. فخلال هذه المرحلة تم ترحيل المقاومة الفلسطينية خارج منطقة الطوق ذلك أنّ خروج منظمة التحرير من لبنان جاء ليكمل الصورة في تشتيت المقاومة الفلسطينية لأبعد المسافات التي تفسح المجال للكيان الصهيوني بالتمدد دون رادع. وقد جرى ذلك بعد أن سقطت مصر، طليعة المواجهة، مع الكيان في براثن التطبيع وتلتها الأردن.
وإلى جانب ذلك فقد دخل الصراع مع الكيان الصهيوني غياهب المفاوضات (مسارات مدريد وأوسلو) وانتقل الصراع من منطق المقاومة إلى منطق التسويات والحلول التفاوضية. وبذلك خرجت البندقية الفلسطينية رمز المقاومة من حلبة الصراع.
في ظل هذه المناخات اشتدت سطوة الكيان الصهيوني خصوصا وقد طرأت على التوازنات الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة ووقوع العالم تحت سيطرة القطب الأمريكي الواحد تغيرات عميقة. ومن مظاهر اشتداد هذه السطوة التحولات الكبرى التي جرت في المفاهيم والرؤى والتصورات في كل المجالات تقريبا. لقد صاحبت الهجمة الشرسة للتيار اليميني الرجعي واليميني المتطرف على الصعيد الأيديولوجي والسياسي والثقافي والإعلامي هجمة نشط فيها بقوة اللوبي الصهيوني النافذ جدا في الطغم المالية العالمية والمسيطر على الشبكات الإعلامية والدعائية.
لقد عرفت الأفكار الثورية والتقدمية بما في ذلك التيارات التحررية ومنها التحرر الوطني الفلسطيني تراجعا كبيرا ومخيفا فيما انتشرت الأفكار والمقاربات الرجعية وفقدت الثورة الفلسطينية كثيرا من أنصارها وداعميها إلاّ في بعض الفترات مثل الانتفاضة الأولى والثانية التي استعادت فيهما القضية وهجها واستردت أنصارها وعرفت مناطق كثيرة من العالم تظاهرات جماهيرية حاشدة تضامنا معها.
إنّ انتشار الأفكار الرجعية واليمينية خلال فترة الهجوم المضاد أثر لا فقط في الجماهير ذات الوعي البسيط والمعارف المحدودة بل وخصوصا في النخب وكبار المثقفين. لقد تغلغلت الدعاية الصهيونية في الأوساط الجامعية والأكاديمية وفي صفوف المفكرين ومنتجي الأفكار إلى درجة أن انقلب البعض ممن كان حتى عهد غير بعيد من الشخصيات التقدمية والديمقراطية، على أنفسهم وتحولوا بدعاوي عديدة ومتنوعة إلى دعاة للصهيونية أو في أقل الأحوال يساوون بين الكيان الصهيوني الغاصب والمحتل والقوى الفلسطينية المناضلة من أجل تحرير الوطن. بعبارة أخرى لم يبق التطبيع منحصرا في المجال السياسي والديبلوماسي بل صاحبه تطبيع متعدد الاتجاهات والأبعاد.

الفرز في النخبة العربية
عندما اندلعت الحرب الأخيرة والتي ما تزال فصولها مستمرة حتى الآن وهي مرشحة للاستمرار لأسابيع وربما أشهر أخرى، كما يجمع عليه كل المتابعين لما يجري في غزة، انطلق معها مسار فرز جديد صلب الأنظمة والأحزاب السياسية والجماهير الشعبية وأيضا صلب النخب الفكرية والفنية والأدبية وغيرها في العالم قاطبة ومنها بطبيعة الحال النخب العربية.
فمن جهة أصدر أكثر من ألفي مثقف وسينمائي وأديب عربي بيانا (بيان المثقفين العرب) أكدوا فيه أن “لا بيان يكفي ولا اللغة تتسع لهول ما يحدث في فلسطين”. ومن أهم ما جاء في هذا البيان ” على مدى 75 عاما لم يترك الكيان المحتل قيمة أخلاقية إلا انتهكها، ولا مبدأ حضاريا إلا خرقه، ولا قداسة إنسانية إلا داسها بأحذية جنوده، وهذه المرة قرر أن يذهب أبعد في طغيانه مستغلا تواطؤ العالم وانحيازه”. وقد أكد الموقعون على هذا البيان على ” دعم المثقفين العرب على اختلاف بلدانهم وأعراقهم وانتماءاتهم السياسية، لصمود الفلسطينيين الأسطوري، وكفاحهم دفاعا عن حقّهم التاريخي في أرضهم، ووقفتهم الحضارية الشجاعة ضدّ الاستعمار والفاشية”.
في اتجاه معاكس من ذلك أعرب عدد من المثقفين العرب، وإن كانوا قلة، عن موقف مخزي سواء مراعاة لضغوط مهنية ومصالح مادية أو من منطلقات انتهازية ونتيجة تفسخ فكري وانسلاخ حضاري وتنكر لمقومات الانتماء القومي.
من ذلك نذكر استدراك أحمد حرب مراسل قناة “العربية” التلفزية والمعروفة بقربها من البلاط السعودي في حديثة عن نتائج غارة صهيونية على المدنيين في غزة بالقول “سقط 11 شهيدا حتى هذه اللحظة ” قبل أن يستدرك ويقول “عفوا 11 ضحية وعشرات الإصابات” التزاما منه بتوصيات إدارة القناة التي تشدد على استعمال مصطلحات “الضحايا” و”القتلى” بدلا عن “الشهداء”.
أكثر من ذلك ذهب الجامعي التونسي حمادي الرديسي في لقاء مع “إذاعة فرنسا الثقافية” في برنامج “قضايا دولية” إلى القول مستنكرا عملية “طوفان الأقصى” يوم 7 أكتوبر “الأحداث التي وقعت لا يمكن وصفها. ليست أقلية من المثقفين العرب فقط من تقول ذلك. بل حتى ممثلي فلسطين”. وأضاف في حديثه عن تضامن الشعب التونسي مع شقيقة الشعب الفلسطيني والتظاهر أمام السفارة الفرنسية بالعاصمة ردا عن موقف فرنسا المنحاز كليا للكيان الصهيوني “هذا ليس مطلباً حزبيا سياسيا وإنه ترجمة للعبارة الشهيرة “ديغاج/ارحل” بما يعني أن ليس لهذا الموقف أية أهمية. وفي ذات السياق قال “من الصعب انتقاد حماس في تونس، حيث أن الغالبية العظمى من السكان ملتزمة بالقضية الفلسطينية…” ملمحا إلى أنّ الأمر مرتبط بنوع من “التعصب” لدى جمهور غير واع من الناحية السياسية، قبل أن يضيف “والمظاهرات الوحيدة المسموح بها، في الأنظمة العربية الاستبدادية، هي تقريبًا تلك المناهضة لإسرائيل…”.
يذكر أنّ حمادي الرديسي كان يساريا وهو من مؤسسي منظمة “الشعلة” الماركسية اللينينية في بداية السبعينات من القرن الماضي وقد درس في فرنسا حيث أقام لسنين طويلة ولم يعد إلى أرض إلا بعد أن “طلق” الماركسية و”ثاب” إلى رشده الأمر الذي فسح له المجال ليلتحق بالتدريس في كلية الحقوق. وهو معروف لدى الكثير بـ”ولائه” لفرنسا. وحسب بعض المطلعين قد تكون لمساعيه لدى إحدى دور النشر الفرنسية المشهورة بغاية نشر مؤلف جديد تأثير في موقفه هذا.
الأشنع من ذلك موقف الكاتب والروائي المغربي الشهير الطاهر بن جلون حيث تجرّأ وقال في مقال له بجريدة “لوبوان” الفرنسية عدد 13 أكتوبر الماضي أنّ ما قامت به المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر “لم يكن لتفعله الحيوانات” وأنّ حركة حماس “بلا ضمير وبلا أخلاق وبلا إنسانية” واعتبر أنّ بهذه العملية تكون القضية الفلسطينية قد انتهت إذ قال “ماتت القضية الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023، أغتيلت على يد عناصر متعصبة، غارقة في أيديولوجية إسلامية من أسوأ الأنواع”.
ومما جاء في مقاله أيضا ” أنا عربي ومسلم بالميلاد والثقافة والتعليم المغربي التقليدي، لا أستطيع أن أجد الكلمات لأعبر عن مدى رعبي مما فعله مسلحو حماس… همجية ليس لها أي مبرر أو عذر… أعتقد أنه يمكننا مقاومة الاحتلال ومحاربة الاستعمار، ولكن ليس بهذه الأعمال الوحشية الكبيرة”. ويضيف في معرض حديثه عن المقاومة “حماس هي العدو، ليس للشعب الإسرائيلي فحسب، بل للشعب الفلسطيني أيضًا…”.
لقد كشفت الحرب الحالية عن الوجه المتصهين للطاهر بن جلون الحائز على واحدة من أهم الجوائز الأدبية الفرنسية “جائزة قونكور” عن روايته “ليلة القدر”. وهو بالنظر إلى مساره التاريخي المعروف نتيجة طبيعية لإعلانه من زمن طويل انتماءه لفرنسا لا المغرب. ومن غير الخافي عن الجميع فرونكفونيته و”عداءه” للغة العربية. ويذكر أنه لمّا قررت الحكومة المغربية تعريب مادة الفلسفة انقطع عن تدريس هذه المادة وهاجر إلى فرنسا حيث استقر وأصبح مواطنا فرنسيا قلبا وقالبا.
وعلى غرار الطاهر بن جلون فقد اعتبر الكاتب الجزائري محمد مولسهول في تدوينة له على صفحته الخاصة على الفايسبوك أنّ حماس قد “ذبحت المدنيين الإسرائيليين بلا رحمة، لقد تم القضاء على عائلات إسرائيلية، دون سابق إنذار أو ضبط النفس” وبالتالي فإن “من يفرح به لا يستحق أن يكون إنسانًا”. وختم تدوينته بالقول “لا فرق بين ما قامت به حماس وما تقوم به إسرائيل بالأمس، تم دفن اليهود أحياء. واليوم، الغزاويون مدفونون تحت الأنقاض. غدًا لن يبقى أحد ليدفن أحدًا”.

في خدمة الصهيونية
هذا نموذج من المثقف العربي الذي حولته الدعاية الصهيونية والبرجوازية الرجعية إلى بوق في خدمة الصهيونية العالمية وكيانها المحتل. ويذهب في ظن مثل هذا الرهط من المثقفين أنهم إنما ينحازون إلى جانب المبادئ وقيم الديمقراطية والإنسانية وما إلى ذلك من “الكليشيهات” عديمة المضمون. إنهم إنما يستعملون هذه الشعارات العامة كي يبرروا أقبح تبرير الاحتلال والتقتيل والفاشية التي لا تمت للحضارة والمدنية والحداثة والديمقراطية وما إلى ذلك من الشعارات بصلة.
أكثر من ذلك فهم، شاؤوا أم أبوا، ينخرطون بتمام الوضوح ضمن ما أسماه الكاتب الأردني محمد زيدان في استراتيجية الهاسبارا الصهيونية (أنظر مقاله بعنوان “إسرائيل والحروب على غزة… حدود بروباغندا البساطير”) التي تقوم على مجموعة من الرسائل تحرص الهاسبارا الصهيونية على إعادة انتاجها وتجديدها للتغطية على جرائم الكيان الصهيوني، ومن بين هذه الرسائل “انتقاد إسرائيل هو معاداة السامية واعتبار إسرائيل الضامن لمواجهة الإرهاب والتضامن مع فلسطين هو حالة إسلامية”. كما تقوم على جملة من العناصر الأخرى المؤلفة للاستراتيجيا الدعائية والإعلامية والاتصالية للكيان الصهيوني التي يعمل اللوبي الدعائي الصهيوني العالمي على نشرها وتحويلها الى حقيقة. ومن عناصر هذه الاستراتيجية التضليل وقلب الحقائق وصناعة الكذب. وتلقى هذه الاستراتيجية رواجا في العالم الرأسمالي لأنها في الأصل جزء من المنظومة الفكرية للقوى الاستعمارية. وقد رأينا كيف تبنى الرئيس الأمريكي كل ما روجته الدعاية الصهيونية وردده كالببغاء واضطر في بعض الأحيان تحت الضغط إلى التراجع والاعتذار.
يقول الكاتب والمترجم محمد زيدان في مقاله المذكور أعلاه:
” كما يكمن عبر تحليل أنماط التضليل في الدعاية الإسرائيلية في مختلف مراحل عدوانها على الفلسطينيين، استنباط سلسلة من الإستراتيجيات الكلاسيكية في عملية “إعادة تحسين الصورة”، بحسب نظرية أستاذ علم الاتصال الأمريكي ويليام بينويت (William Benoit). تشمل هذه الاستراتيجيات ما يلي:
• الإنكار أو تحويل اللوم للطرف الآخر
• التنصل من المسؤولية عبر تبرير ما حصل (تهديد وشيك/استفزاز/خطأ فردي إلخ)
• تقليل فداحة الخطأ (عبر ادّعاء ضرورته لدفع خطأ أكبر، أو التغطية على نتائجه، أو مقارنته بأخطاء أكبر، أو تقويض مصداقيّة الضحيّة)
• التعهّد باتخاذ إجراء تصحيحي (فتح تحقيق أو وعد بعدم تكرار ما حصل)
• الاعتذار
وبحسب سلسلة من التغريدات لمارك أوين جونز، وهو باحث بريطاني متخصص في مجال السلطوية الرقمية والتضليل الإعلامي، فإن هذه الاستراتيجيات تنطبق بشكل نموذجي على تعاطي الاحتلال مؤخرًا مع مجزرة مستشفى المعمداني، ابتداء من إنكارها، ولوم “الفريق الآخر” عنها، والتنصل من المسؤولية المباشرة وتقليل الفداحة الأخلاقية لما حصل عبر الإصرار على ادعاء التفوّق الأخلاقي في الحرب ضدّ “عدو هجمي/إرهابي/لا يستحق الحياة/يتخذ المدنيين دروعًا إلخ”.

خاتمة مختصرة جدا
إنّ بعض المثقفين العرب قد انساقوا في تيار الدعاية الصهيونية حتى استسلموا طواعية إلى إسرائيل فيما يشبه العبودية الطوعية على حدّ تعبير الكاتب الفرنسي القديم ايتيان دو لابويسي Etienne de la Boétie في كتابه “خطاب عن العبودية الطوعية”.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×