في الذكرى السابعة والثلاثين لتأسيسه: اتّحاد الشّباب إرث ثمين وأمل في المستقبل

تأسس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي، المنظمة الشبابية لحزب العمال، في 16 و17 نوفمبر 1986. وكان تأسيسه خطوة مهمة باتجاه القطع مع حالة التشتت التي يعيشها الشباب التونسي وتنظيمه حول سبل تحقيق أهدافه المباشرة، في ظل واقع محلي مأزوم آنذاك وينبئ بانفجارات اجتماعية وشيكة وكذلك أهدافه الكبرى عبر الثورة الوطنية الديمقراطية فالاشتراكية.

تأسس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي من خضمّ تلك الأوضاع لإنارة الطريق أمام الشباب التونسي من أجل تغيير واقعه في كل المستويات.

فاتحاد الشباب الشيوعي التونسي هو تنظيم ثوري يهدف إلى المساهمة في التغيير الثوري لواقع الشباب التونسي على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الخ. باعتباره من أكثر الفئات الاجتماعية تضررا من تبعات الخيارات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة من قبل الحكومات اللاشعبية واللاوطنية المتعاقبة على تونس.

ولوجاهة قراءته وأفكاره وبدائله انتشر هذا التنظيم الفتي صلب الشباب التونسي في الجامعات والمعاهد ومراكز التكوين وفي الأحياء الشعبية في المدن الكبرى وفي الجهات الداخلية بسرعة في السنوات الأولى من حياته، السبب الذي جعل نظام بن علي الدكتاتوري يمرّ بشكل مبكر إلى الهجوم عليه وشن حملات قمعية تخللتها أعمال قمع وعنف وإيقافات وتتبعات قضائية ومحاكمات جائرة وأعمال هرسلة وطرد من الدراسة ومن الشغل، الخ.

لقد شملت هذه الأعمال القمعية مناضلي اتحاد الشباب في أكثر من جهة ومكان وراح ضحيتها مناضلون تلاميذ وطلبة وعاطلون عن العمل وعمال في مؤسسات عمومية خاصة. ولم يسلم منها حتى بعض الذين كانوا في سن الأطفال أقل من 18 سنة مثال ذلك الرفيق الفقيد برهان القاسمي الذي اعتقل وعذب وسجن وهو تلميذ لم يتجاوز الـ16 من عمره. وغيره كثيرون من كل جهات البلاد تقريبا.

لقد تعرض اتحاد الشباب إلى موجات من القمع لا تعدّ ولا تحصى لعلّ أشهرها محاكمات سنوات 1986 و1987 في قفصة وسيدي بوزيد وقابس ولاحقا في الساحل والوطن القبلي خلال الاحتجاجات على غزو العراق وفي كلية الآداب برقادة (كربلاء الجامعة التونسية) سنوات 1994 و1995 ومحاكمات سنوات 2002 و2005 على هامش قمة المعلومات، ومحاكمات الحوض المنجمي في 2008، ومحاكمات طلبة منوبة في 2009، زد على ذلك المئات الذين واللواتي تم طردهم من الدراسة والشغل، وآخرها إيقافات 2010 و2011 في الثورة التونسية حيث قدّم اتحاد الشباب ما لا يقل عن خمسين موقوفا وموقوفة في أقبية وزارة الداخلية، أفرج عنهم أياما بعد سقوط الدكتاتورية النوفمبرية.

هذا التنظيم الثوري يشهد التاريخ على مدى تجذر وعيه وسلامة تحليله في قراءته للواقع الملموس ولعلّ مشاركته من مراكز متقدّمة في أحداث القصبة 1 والقصبة 2 خير دليل على ذلك، حيث كان الصوت الأعلى في رفع شعار المجلس الوطني التأسيسي والصوت الأعلى في فهم طبيعة حكومات ما بعد الثورة (الغنوشي 1 و2، السبسي..) بأنها حكومات الالتفاف على الثورة، كما أنه كان أوّل المطالبين ببث مداولات المجلس الوطني التأسيسي التي مكنتنا فيما بعد من كشف حقيقة ذلك المجلس، كما كان له الدور الريادي في مواجهة ومقاومة المد الإخواني في كل شبر من تراب تونس ولعل أحداث جامعة منوبة أكبر دليل على ذلك. كما أسهم في اعتصام الرحيل الذي أسقط دستور 1 جوان وأسقط حكومة علي العريض، وفرض على المجلس الوطني التأسيسي تعليق أشغاله لفترة من الزمن وفرض نسخة من الدستور التي تستجيب بنسبة مهمة لمطامح الشعب التونسي.

لقد وضع اتحاد الشباب كل طاقته في خدمة الجبهة الشعبية لتحقيق أهداف الثورة ولعب دورا من أجل تنظيم صفوف الشباب المناصر لها وخاض المعارك السياسية التي قادتها الجبهة الشعبية في وجه حكومات الالتفاف على الثورة بقيادة النهضة ونداء تونس في عهد يوسف الشاهد وبقية الحكومات المتعاقبة.

كما ساعد على بعث الحركة الشبابية في حملة “فاش نستناو” ولعب دورا رئيسيا في مواجهة المد الدخولي صلب الجبهة الشعبية، وكان أوّل تنظيم سياسي شبابي أو التنظيم السياسي الشبابي الوحيد الذي دعا إلى مقاطعة الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية في 2019، والتنظيم السياسي الشبابي الوحيد الذي اعتبر ما قام به قيس سعيد في 25 جويلية 2021 انقلابا من أجل انقاذ منظومة الحكم، وكان التنظيم السياسي الشبابي الوحيد الذي واجه قيس سعيد وعرّى حقيقة نظامه القمعي في 1 سبتمبر 2021، ومازال إلى اليوم يواجهه ويواجه مشروعه الشعبوي وذلك بالربط اليوم بين ما هو إقليمي ودولي وما هو محلي برفع شعار ضرورة تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني وطرد سفراء الأنظمة المطبعة، هذا الشعار الذي فضح حقيقة شعارات قيس سعيد الجوفاء والزائفة.

إنّ اتحاد الشباب الشيوعي التونسي كان ومازال وسيظل تنظيما ثوريا ديمقراطيا تقدميا يناهض الامبريالية والصهيونية، ويدافع بمبدئية عن المساواة التامة والفعلية بين المرأة والرجل وعن الحريات العامة والفردية.

إنّ هذا التنظيم الفتي يحمل في تاريخه وحاضره آلام شباب تونس المفقّر وآمال مناضلاته ومناضليه، يحمل على كتفيه وصايا الرفيق الشهيد نبيل البركاتي، ووصايا رفيقاته ورفاقه الذين واللواتي فارقونا قبل الأوان.

إنّ اتحاد الشباب الشيوعي التونسي كان ومازال وسيظل مدافعا شرسا عن المطالب المشروعة لشبان وشابات تونس المفقرين، وتنظيما قوامه مناضلون ومناضلات على خط النار، محياهم/ن الجسور والاندفاع الواعي وشعارهم/ن الوحيد التضحية ونكران الذات. تنظيما مقداما شجاعا، مقبلا، مناضلا، ثوريا، أمميا مفعما بالعزة القومية، منتميا ومعتزا بموروثه الشعبي ومحاربا مبدئيا في كلّ قضايا الشعوب المضطهدة وأوّلهم القضية الفلسطينية الذي يعتبر أن لا حل لها خارج دائرة البندقية.

“خير ما تقدمونه للقضية الفلسطينية هو نضالكم ضد أنظمتكم الرجعية”

“جورج حبش”

“الحياة تطول أو تقصر تلك أمور نسبية، المهم الفعل وما يتركه الإنسان من أثر”

“الرفيق الشهيد نبيل البركاتي”