الرئيسية / عربي / حوار مع السيدة سناء دقة أرملة الأسير الشهيد وليد دقة (أبو ميلاد)
حوار مع السيدة سناء دقة أرملة الأسير الشهيد وليد دقة (أبو ميلاد)

حوار مع السيدة سناء دقة أرملة الأسير الشهيد وليد دقة (أبو ميلاد)

سيدة سناء، بعد تقديم العزاء في شهيد الشعب الفلسطيني الرفيق وليد أبو ميلاد، لو تحوصلين تجربة الأسر الطويلة في بضع جمل، ماذا تقولين؟

أستطيع أن أقول إنّ أبو ميلاد هو نقيض تماما وندّ تماما لسياسات الاحتلال التي أرادته مجرّد رقم في الزنزانة كي تدفنه في السجن. لقد شكّل وثبت حريته طوال أربعين عاما وتحوّل إلى رمز للتحدي، وتمثّل ولادة إبنتنا “ميلاد” هو لحظة تحرّر من أسرٍ امتدّ لسنوات. أنتم تعلمون جيدا الإرث الفخم والضّخم الذي تركه “أبو ميلاد” لنا ونحن بصدد جمع الأعمال الكاملة لتبقى نِبراسا للأجيال القادمة. وليد كما حدّثني شباب فلسطيني التقطهم في الأسر وربّاهم نفسيّا ومعنويّا وسياسيا لمواجهة الاحتلال. لقد تأثّرت كثيرا لما قابلتهم حين أتوا لأداء واجب العزاء، حدّثوني عن تماسك وليد وكيف كان هو الذي يستفزّ مديري السجون والضباط. لقد شكّل بالفعل نِدّا لهم بالكامل لذلك كانوا يقرؤون له ألف حساب، وكانوا يتحاشونه وكانوا يقومون بجهد كبير لجسّ نبض وليد وفيما يفكر، وماذا يخطّط وما هي برامجه، وللحدّ من تأثيره على باقي المعتقلين والأسرى. الصّهاينة كانوا واعين بأثر الشهداء والمقاومين والرموز منذ غسان كنفاني إلى يومنا هذا. لقد قضى وليد أربعين عاما بطلا وكلّنا كفلسطينيين أعناقنا تلامس السّماء فخرا به.

تجربة وليد دقة في الأسر مختلفة جدّا، بما في ذلك تجربة الزواج والإنجاب. ماذا تعني تجربته بالنسبة لك وبالنسبة لميلاد ولكل العائلة؟

ولادة “ميلاد” كانت انتصارا كبيرا على الاحتلال متمثّلا في سلطة السجون. لقد كانت صفعة مدوّية ونتيجتها كانت تحوّل وليد إلى “أبو ميلاد”. وهي أيضا تجربة نضال ومواجهة للقمع، لقد عانينا من أجل تسجيل “ميلاد” واستخراج أوراق ثبوتيّة لها ومن زيارة والدها، لكننا ناضلنا وتمكّنا من أن تنال “ميلاد” كلّ حقوقها ونجحنا وانتصرنا عليهم، وباستشهاد “أبو ميلاد” مازال غرسه ثابتا فينا، وهذا يعني أنهم لن يستطيعوا اقتلاعنا من جذورنا، من فلسطيننا ومن وطننا. نحن دائما نجترح الأساليب والوسائل لكي نستمر وكي تستمرّ الثورة ضدّ هذا الاحتلال المجرم. ولادة “ميلاد” هي سابقة عند فلسطينيي 48، هي نتاج لنطفة محرّرة، لقد شكّلت استمرارا لنهج النّطف المحرّرة التي انتشرت في الضفّة وغزّة والقدس، وهذا النهج في حدّ ذاته يدلّل على مدى ثبات وصمود شعبنا وقدراته على خلق وإبداع وسائل وطرق جديدة لمواجهة الاحتلال. لطالما انتصر “أبو ميلاد” ولطالما سجّل انتصارات على السجان ولطالما كانت يده هي العليا لعشرات السنين، لذلك هم يعون تماما أهمّية تصفيته، ونحن على قناعة أن ثمّة قرارا اتُّخذ لتصفيته والتخلّص منه، قرار لاستغلال مرضه. لكن كما ترون “ميلاد” هي استمرار لوليد دقة. وليد دقة لم يمت، ستبقى “ميلاد” وسنبقى نحن نحمل رسالته كما فعلنا طوال هذه السنوات، وليد دقة هو المعلّم الأول عمليا. نحن لا نملك رفاهية اليأس، ونحن مستمرّون.

السيدة سناء الصحفية والناشطة، ما هو وضع الحركة الأسيرة اليوم، وكيف ترين دورها في علاقة بتداعيات “طوفان الأقصى”؟

الجواب يوجد في كتاب “صهر الوعي” الذي كتبه وليد قبل أكثر من عشر سنوات وهو يعتبر أهم دراسة سجِّلت وكُتبت عن الحركة الأسيرة وما يتوجب عليها وعلى المؤسّسات القانونية التي تدعمها في الخارج، ما يتوجّب عليها فعله من أجل محاربة السياسات والاستراتيجيات التي تضعها سلطة سجون دولة الاحتلال ضدّ شعبنا. تبنّى وليد أن السجون شكلت مختبرات لمعاينة وفحص السياسات الاحتلالية ومن ثمة تطبيقها وتصدريها على شعبنا الفلسطيني. المطلوب اليوم من الحركة الأسيرة هو لملمة قواها وفصائلها لإجراء مراجعة للتراجع الذي حصل في السنوات الأخيرة لدورها وثقلها في الشارع الفلسطيني. التراجع واضح والانقسام أثّر والتغيرات السياسية كانت دائما تؤثّر بشكل مباشر وفوري على الحركة الأسيرة. لا بدّ من دراسة هذه الأسباب لتعود الحركة الأسيرة لتتصدّر المواقف الوطنية وتلعب دورها في استمرار نضال شعبنا ضدّ الاحتلال والمحافظة على الصّدام الكامل والدائم مع إدارة السجون ونبذ مسارات التفاوض العقيمة التي كانت جارية داخل الحركة الأسيرة وخارجها. أنتم تعلمون أنه ثمّة متسلّقون وانتهازيون بدعاوي الوطنية والعقلانية سبّبوا خرابا ويجب على الحركة الأسيرة تلافي ذلك وتصحيح المسار.
أعتقد أن ما يحدث في غزّة ومجمل هذه الفترة العصيبة كلها تثبت أن لا حلّ مع هذا الاحتلال المُجرم سوى الصّدام معه، بقية المسارات هي كلام فارغ تماما.
هذا ما أستطيع قوله الآن، وسنتولى في المدة القادمة التوسع أكثر والكتابة حول دور الحركة الأسيرة وعلينا جميعا كحريصين على عدم تدهور الحركة الأسيرة، واجب النهوض ودعم النضال الوطني من أجل التصادم مع الاحتلال والتخلّي عن وهم التفاوض مع المحتلّ، التفاوض بأيّ شكل وبأيّ ثمن. تحياتي لكم وشكري لكم.

إلى الأعلى
×