الرئيسية / أقلام / مكتب جديد لنقابة الصحفيّين بين التّطمينات والاتّهامات
مكتب جديد لنقابة الصحفيّين بين التّطمينات والاتّهامات

مكتب جديد لنقابة الصحفيّين بين التّطمينات والاتّهامات

بقلم الفاهم بوكدوس

photo-1دارت يومي 19 و20 أفريل الجاري أشغال المؤتمر الثالث للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بمشاركة 480 صحفيا من جملة المنخرطين 873، ولم تكن نتائجه الانتخابيّة مخيّبة لتوقّعات أغلب الملاحظين إذ استطاعت قائمة “وحدة الصف الصحفي” التي يتصدّرها النّقيب السابق ناجي البغوري أن تحوز على 07 مقاعد من المكتب التنفيذي في حين اقتلعت “القائمة المهنية المستقلة لخدمة الصحافيين ورد الاعتبار” المقعدين المتبقّيين الذين كانا من نصيب سيدة الهمامي وشكري الباصومي.

وقد عرف المؤتمر وجهين مختلفين تماما حيث غلب على اليوم الأوّل التوتّر الشّديد على أغلب المؤتمرين عكس غلبة الرهان الانتخابي على معالجة القضايا الحارقة التي طرحها التقرير الأدبي للقيادة المتخلّية والذي تمّت مناقشته بمقاعد شبه خالية تقريبا، بل إنّ الأشغال الفعلية للمؤتمر قد تأجّلت لساعات نتيجة عدم تحقّق النصاب القانوني، وقد زاد الأجواء احتقانا طول الجدل حول الطّعون التي تقدّم بها عدد هام من الإعلاميين يطالبون فيها بمنحهم العضوية الكاملة في النقابة والتي تمكّنهم من حضور الأشغال الفعلية والمشاركة في التصويت.

أمّا اليوم الثاني وإن عرف تهديدا للنقيبة السابقة نجيبة الحمروني بالاستنجاد بعدل منفّذ للقدح في قرارات المؤتمر بقبول الطعون المذكورة، فقد سادته أجواء الزّمالة والتّعاون وغابت عنه سمات الاحتقان حتّى أنّ فرحة صعود المكتب الجديد قد شارك فيها كلّ المترشّحين والحاضرين في مشهد لم نألفه في المؤتمرين الماضيين.

وقد تدعّمت هذه الأجواء بتطمينات أخرى أرسل بها عدد من الفائزين في المؤتمر، فقد أكّد البغوري في أكثر من موقع أنّه سيكون وفيّا للقَسَم الذي أطلقه في اليوم الثاني للمؤتمر بأن يعمل على صون وحدة مكتبه الجديد على أساس التّكاتف والتّعاون والتّوزيع الناجع للملفات مع انفتاح كلي على عموم الصحافيين بعيدا عن أيّ نزعات إقصائيّة أو تهميشيّة، وإصرارا على الإنكباب على كلّ المشاكل المزمنة التي يعيشها القطاع وافتكاك أكثر ما يمكن من المطالب العاجلة للإعلاميين.أمّا سيدة الهمامي التي كانت تقدمت باستقالتها من قيادة النقابة السابقة أيّاما قبل المؤتمر الأخير واعتبرها البعض “علامة توتّر” داخله  فقد كانت تصريحاتها أكثر هدوء من أيّ وقت مضى مسميّة المكتب الجديد بـ”وحدة الصف ورد الاعتبار” في جمع بين اسمي القائمتين المتنافستين في المؤتمر في إشارة واضحة إلى أنّ المكتب الجديد قادم على فترة انسجام يتمنّى الكثيرون أن لا تتبدّد مع أوّل اجتماع لتوزيع المهام.

غير أنّ هذه المؤشرات الإيجابية وتعبيرات حسن النوايا وجدت نفسها منذ اليوم الأوّل أمام جملة من الاتهامات والتشكيكات، فقد شكّك البعض في استقلاليّة المكتب الحالي متهما عضوين داخله بالانتماء إلى أحزاب يساريّة ومعبرا عن مخاوفه من أن يعمل المكتب من خلالهما على دعم “أجندا حزبيّة سياسويّة” و”الزج بالقطاع في معارك هو في غنى عنها” على حساب المعالجات المهنيّة لمشاكل القطاع والتّعامل مع كلّ المكوّنات المدنيّة والسّياسية على قدم المساواة، في حين اعتبر البعض حضور أعضاء من مكتب النقابة العامة للثقافة والإعلام آخر ندوة صحفيّة لقائمة ناجي البغوري وافتتاح المؤتمر إضافة إلى مبادرة الاتحاد قبل بقية الأطراف بتهنئة النقيب وأعضاء المكتب الجديد “علامة بداية ارتهان للاتحاد العام التونسي للشغل”.

إلّا أن هذه الاتهامات يبدو أنها لن تكون ذات بال بالنظر إلى طبيعة المرحلة الانتقالية التي تعيشها بلادنا والتي لن يكون فيها الصحافيون مهما كان موقعهم داخل النقابة وخارجها خارج دائرة الإدلاء برأيهم في الشأن العام كمواطنين لهم الحق في نقد المشاريع الحزبيّة والسلطويّة من مواقع فكرية وإيديولوجية معينة ومقاومة كلّ أشكال استعادة السياسات السابقة في تسيير الشأن العام، بما يعنيه من تقاطع مع كلّ القوى الحرّة والدّيمقراطيّة وبناء شراكات استراتيجية مع الحلفاء الكلاسيكيّين على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل ولكن على قاعدة التعاون والاستقلالية. بل إنّ البعض رأى أنّ هذه الاتهامات تستعيد جوهر حملات النظام السابق على المنظّمات والنّقابات المستقلة لتحييدها أو إلحاقها بزريبته الديكوريّة عبر اختلاق أكاذيب وافتراءات ذات طابع مالي أو حزبي.

إنّ مثل هذه الاتهامات مهما كان انتشارها  ستتلاشى بالتأكيد أمام التحدّيات الحقيقيّة التي تطرح على المكتب التنفيذي الجديد وعلى قطاع الإعلام عموما على غرار الأوضاع الماديّة والمهنيّة الصعبة للصحافيّين، وحالة حرّيّة التّعبير، والتّحديات التشريعية والأخلاقية والتكنولوجية لأهل المهنة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×