الرئيسية / ملفات / الذكرى العاشرة للثورة / ذكرى الثورة بنذر الهزّات الاجتماعية الكبرى
ذكرى الثورة بنذر الهزّات الاجتماعية الكبرى

ذكرى الثورة بنذر الهزّات الاجتماعية الكبرى

عمار عمروسية

شاءت أحكام التّاريخ وبالتّحديد مجريات الصّراع الطبقي ونتائجه الحالية أن يقترن إحياء الذكرى العاشرة للثورة التونسية بسقوط البلاد تحت وطأة أزمة خانقة شديدة التّعقيد والشمولية. فأزمة اليوم، غير مسبوقة. فهي تطال جميع المجالات وكلْ أوجه الحياة. فهي، أي الأزمة، سياسيّة واقتصاديّة – ماليّة واجتماعيّة وأيضا قيميّة (أخلاقيّة) وبطبيعة الحال أمنية وفوق ذلك صحيّة نتيجة التّفشي الواسع المخيف لجائحة كورونا.

ومن نافلة القول إنّ أعباء هذا التّردّي الاقتصادي والاجتماعي وهذا التّطاحن المسعور الرّجعي بين مختلف أقطاب الحكم يدفع أثمانهما الطبقة العاملة وسائر الطبقات والفئات الشعبية المنهكة بانفلات الأسعار وانتشار البطالة وتدهور خدمات المرفق العمومي…

والأنكى من هذا الواقع المزري الذي يختنق بتفاصيله السّواد الأعظم من الشعب في المدن والأرياف على طول وعرض البلاد شيوع القلق وحتّى الخوف من المستقبل وعلى المستقبل من منظومة حكم أوّلا موغلة في خيارات اقتصادية واجتماعية ليبيرالية متوحشة، وثانيا مولعة حدّ الفظاعة بالإثراء الفاحش الذي يتغذّى من منطق اقتسام الغنيمة وثالثا مسكونة حدّ النّخاع باللواء الذّليل لجهات ماليّة خارجية نهّابة ودول أجنبية استعمارية ورجعية.

في مثل هذه الظروف محليا وضمن مخاطر عالية من تداعيات الصّراعات الدّولة والإقليميّة المستعرة في محيطنا العربي والإقليم دشّنت الثورة التونسية بداية عقدها الثاني بمقدّمات واعدة لموجة واسعة من الحراك الاجتماعي والشعبي ليس مستبعدا أن يكون نقطة تحوّل في الأسابيع القادمة يفتح على فصل جديد من الحراك يُنعش المسار الثوري الذي ظلّ مفتوحا رغم رجحان موازين القوى الطبقية لصالح قوى الثورة المضادّة بجميع روافدها القديمة والجديدة. فميزة السّنوات الماضية بعد سقوط رأس الدّيكتاتورية هي الصّراع المستمر بين الشعب من جهة وبين القوى الرجعية المعادية للثورة وأهدافها.

فالثورة التونسية وفق سياقها التاريخي وظروفها الموضوعية والذاتية أنزلت نفسها ضمن الثورة / المسار الذي يشهد تقلّبات كثيرة فيها التّقدّم والتّراجع وفيها الانتصارات والهزائم الخ… فجذوة الثورة لم تخمد رغم هذه السنوات. وهي تتغذّى من إخفاقات النّظام وجرائمه رغم تبدّل الحكومات والأحزاب المتّنفذة. فجذوة “الثورة” والمقاومة كانت على الدّوام قائمة وأفشلت جميع محاولات الإخماد والتّصفية. وروح المقاومة ومجمل فعاليات الحراك الاجتماعي رغم كلّ نقائصه (ضعف الوعي، القطاعية، المحليّة،…) هو من أحبط كل ّالمساعي المتكررة لقوى الثورة المضادّة من أجل غلق قوس الثورة.

ومثلما أسلف فالثورة التونسية مسار طويل، شاق ومعقّد. منجزاته العظيمة الإطاحة برأس الديكتاتورية يوم 14 جانفي والإجهاز فيما بعد على الشكل الفاشستي للحكم وإقرار الحرّيات العامّة والفردية بما يسهّل الشروط المواتية للعمال والفلاحين وكلّ الشرائح الاجتماعية المتضرّرة مواصلة شقّ الطّريق من أجل تحقيق الأهداف الكبرى للثورة، بما يعيد فعليّا السلطة للشعب ضمن الجمهورية الديموقراطية الشعبية الكفيلة من جهة بتحصين المكتسبات وتجذيرها ومن جهة أخرى القطع مع الاستغلال الفاحش والفساد والتّبعية الذليلة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×