الرئيسية / ملفات / 1 ماي / فلتسقط منظومة الفساد والإرهاب والسلطة لا تكون إلاّ للشعب
فلتسقط منظومة الفساد والإرهاب والسلطة لا تكون إلاّ للشعب

فلتسقط منظومة الفساد والإرهاب والسلطة لا تكون إلاّ للشعب

تتصاعد وتيرة الاحتجاجات الشعبية بمختلف ولايات ومناطق الجمهورية، بعد مضي عشر سنوات كاملة من اندلاع ثورة الحرية والكرامة. ثورة سُرقت من أيادي الشعب التونسي وتحوّلت وجهتها لفائدة لوبيات الفساد من المنظومتين السابقة والحالية لتفرز في النهاية مشهدا سياسيا بائسا وواقعا اقتصاديا واجتماعيا كارثيا نتيجة الخيارات الفاشلة للحكومات المتعاقبة وللسلطة الحاكمة وارتهانها للأجنبي وتعمّدها حماية رموز الفساد والإرهاب وأقطابه الذين اخترقوا كل الأجهزة والسلط بالتعيين وكذلك بالانتخاب مقابل مزيد تفقير الشعب التونسي وتجويعه والاستهتار بالأمن القومي الصحي والغذائي والمالي والعودة شيئا فشيئا إلى ممارسات دولة البوليس كغياب أيّ إرادة لإصلاح الأوضاع المتردية وانسداد الأفق أمام أبناء هذا الشعب.

فالاحتجاج السلمي كان وما يزال حقّا مكتسبا مشروعا ومنجزا من أهمّ منجزات 17 ديسمبر- 14 جانفي وضمنه دستور 27 جانفي 2014. و لا أحد ينكر مشروعية الغضب الذي ينتاب صفوف شبيبة القهر في عموم البلاد والذي أنهكته البطالة والتهميش والفقر والتمييز والحيف الاجتماعي. وحطّم الإحباط واليأس معنوياته. وعمّقت الوعود الكاذبة والمهاترات السياسية نفوره ونقمته. ولم يعد يرى من أفق غير الحرقة أو التسفير أو العنف بعد عشر سنوات من إخفاق وتخبّط المنظومة الحاكمة. فلا أحد كان يستبعد هذا الانفجار الاجتماعي الذي طال جميع جهات البلاد. وهو دون شك نتيجة انشغال الائتلافات الحاكمة منذ 2011 في التموقع وتقاسم الغنائم وفي مواصلة اتّباع الخيارات السياسية اللاّشعبية التي أثقلت كاهل الشعب وعمّقت فقر غالبيته ومارست تجاهه الحيف والتجاهل لتستثري أقلّية حازت على الامتيازات والتحفيز والثروة.

فالدولة عجزت عن إيجاد الحلول الناجعة والمناسبة لطيف كبير من الشباب الذي فقد الأمل في المستقبل. وعمّقت السلطة جراحه وأهملت طموحاته وتطلعاته واقتصرت على اللجوء إلى الحلول القمعية للرّد على مطالبه الشرعية في التشغيل والتنمية. وتمادت في طغيانها. وزجّت بالمؤسّسة الأمنية والعسكرية في مواجهة مع الشعب كافة. وهي تعلم علم اليقين أنّ ذلك ليس مجديا. وهو قاصر عن إنهاء مشكل مئات الآلاف من الشباب المهمّش. فشرّعت وأمرت بسرعة بالتدخّلات الأمنية الغنيفة ضد المحتجين في كل الجهات. وباركت الاستعمال المفرط للقوّة. فكان الغاز المسيل للدموع والاعتداءات المختلفة أنواعها على المحتجين والإيقافات العشوائية أحد حلول التنمية والتشغيل، في العاصمة وسوسة وغيرها من الجهات في مسيرات سلمية وفي وضح النّهار و بوجوه مكشوفة أمام مراكز السيادة بعد أن ادّعى الناطق الرسمي للأمن الوطني في نشرة أخبار العار في التلفزة الوطنية أنه من المستحيل قمعها والأمن ينظمها. كان ذلك بعد ما ندّدوا باحتجاجات الّليل وشيطنوها وتجنّد الإعلام المطبّع مع الفساد لينزع عنها صفة المشروعية ويغطّيها بنيّة السّرقة والنّهب والتّخريب.

وتناسى أنه لولا الاحتجاجات ليلا سنوات 2008 و2010 و2011 لما كان له وجود أصلا. فقبل التنديد “بخلع المحلات والاحتجاجات العنيفة”، تذكروا أنّ هذا الشباب المحتج ليلا هو من مات في البالوعات وغرق في البحر وعاش في “الحڨرة” والتهميش والفقر والجوع… اعلموا أنّ هذا الشباب لا يُعير اهتماما لركاكة التّمثيليات داخل برلمان الفساد والإرهاب ولا يؤمن بوعود حكومات الانتهازيين ولوبيات الحكم… و قبل الهجوم الممنهج على هذه التحركات العفوية، والهجوم كذلك على الصحافيات والصحافيين الذين يتعرضون للتهديد والهرسلة إثر تغطيتهم الحرفية للاحتجاجات وكشفهم حقيقة التّعامل الأمني مع الشباب المحتج، من قبل عناصر محسوبة على التحالف الحاكم كرفيق بوشلاكة والعفاس والعلوي وذبابهم الأزرق، يجب أن تعلموا أنّها احتجاجات الجياع والفقراء الذين خرجوا ليلا ونهارا لكنسكم. فليس من شكّ إذا أنّ السلطة الحالية وزبانيتها يتعاطون مع هذه الاحتجاجات المشروعة بالقمع والتشويه رغم فشلهم الذريع على جميع الأصعدة ومسؤوليتهم المباشرة في نكبة هذا الوطن ومآسي شعبه المتواصلة طيلة عشرية من الزمن.

وفي الحقيقة، ما نعيشه هذه الأيام هو مشهد سريالي تواجه فيه الدولة التونسية الظالمة بطمّ طميم قواتها المسلحة الأمنية والعسكرية “شبيبة” القهر والجوع شبيبة الاعداديات والمعاهد المتمدرسين وشبه المتمدرسين والمنقطعين ومن هم على وشك الانقطاع ضحايا سياسة تربوية فاشلة وسياسة برلمانية وحزبية تتبادل البصاق والسباب واللكمات والقوارير همّها الوحيد خدمة مصالحها الشخصية الفئوية وخدمة مصالح لوبيات المال والفساد. فوصل الأمر بالبعض منهم إلى الدعوة إلى قتل المحتجين في الشوارع قدوة بنظام بورڤيبة سنة 1984.

وهو ما جاء على لسان عضوة في مجلس الخراب عن حزب تحيا تونس. وفي الأخير، فليعلم الجميع أنّ هذه الاحتجاجات ليست إلاّ ضرورة من ضرورات استكمال الأهداف الحقيقية للثورة ومواصلة للمسار الثوري ضد الفساد والمفسدين وتلبية لنداء الوطن وتحقيقا لاستحقاقات المرحلة وعلى رأسها اجتثاث منظومة الفساد والإفساد. وهي واحدة من الأشكال النضالية المشروعة للانخراط في جميع المسارات الثورية وفاء لدماء الشهداء وأملا في تونس أفضل دون فساد ودون مفسدين.
فإلى الشارع… إلى الثورة من جديد… ولتسقط منظومة الفساد والإرهاب، والسلطة لا تكون إلاّ للشعب.

رضا الجلولي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×