الرئيسية / صوت الوطن / صراعنا مع المنظومة وليس مع أعوان الحكومة
صراعنا مع المنظومة وليس مع أعوان الحكومة

صراعنا مع المنظومة وليس مع أعوان الحكومة

ماهر زعق

نبّه الغنوشي الإرهابيين بأنّ الأمن ليس مضمونا وقال عن السلفيين أنّهم يُبشّرون بثقافة جديدة ويذكّرونه بشبابه، وبعد حملة تحريض وتكفير اغتال الإرهاب شكري والبراهمي. أمّا قوات الأمن التي نعتها الإرهابيون بالطواغيط وقتلوا منها العشرات فقد واجهت المحتجين على حكم النهضة بالهراوات وأمطرتهم بالرشّ وقتلت بـ”المفتي” في قفصة و”الراشدي” في سبيطلة بقنابل الغاز ووصفت المتظاهرين بالكفّار والملحدين…هكذا!

السّلطة بأحزابها وأجهزتها تتعامل مع الاحتجاجات بالأسلوب التالي:

أولاّ، التجاهل والتقزيم، إذ أنّ عشرات التحرّكات لم يقع الحديث عنها ولم تلتفت إليها سلطة الإشراف وإن وقع ذكرها في بعض منابر الإعلام فبعبارة بعض النشطاء وعشرات المحتجين..

ثانيا، التشويه والتخريب، فمن أجل ترهيب الناس وتنفيرهم من الاحتجاجات وإبعادهم عنها، عمد نظام الاستبداد إلى تكرار واجترار الصيغة التالية “شرذمة ضالّة تصطاد في الماء العكر، تُحرّكها أيادي أجنبية وسنتصدى لها بكل حزم”، بعد الثورة وفي مناخ الحرية تغيرت العبارة فأصبحت “حق التظاهر مكفول، لكن أحزاب وأطراف تعمل على توظيفها والركوب عليها”.

في كلّ الأحوال تتسابق بعض وسائل الإعلام المأجورة لنجدة الحكومة بترويج الأكاذيب والأباطيل وبالعزف على وتر المصلحة العامّة والروح الوطنية والتحلّي بروح المسؤولية. وعند الاقتضاء تلجأ السلطة إلى الاختراق والتخريب، فكلّنا يعلم أنّ البوليس يتبادل الخدمات مع العديد من المنحرفين والمنحرفات ويستخدمهم للبصاصة والوشاية. وكلّنا يتذكّر كيف وقع عدد منهم في أحضان المجموعات السلفية حيث وجدوا الدعم المالي و”الزطلة” والزواج العرفي وكيف استعملتهم حركة النهضة وروابطها السيّئة الذكر لترهيب النقابيين والمحتجين والسياسيين والمثقفين والإعلاميين. ويبدوا أنّ السلطة التجأت إليهم في التحرّكات الأخيرة، حيث كان هؤلاء المنحرفون أصدقاء البوليس وروابط حماية النهضة في الصفوف الأمامية للقيام بعمليات التخريب والنهب والاستفزاز. هذا لا ينفي أنّ بعض الشباب المتحمّس والمندفع والناقم، انساق مع التيّار وقام ببعض التجاوزات ولكن هل نقارن سلاح “الماتراك” و”الاكريموجان” مع هتاف الشباب والرشّ بالألوان؟!

ثالثا، القمع والتجريم، ابتداء من الحصار والتضييق مرورا باستعمال قنابل الغاز والاعتقال والتنكيل وصولا إلى المحاكمات السريعة والأحكام القاسية.

في الأخير تصل السلطة إلى هدفها، فعِوض الاحتجاج على غلاء المعيشة وفساد المنظومة وفشل الحكومة في التعاطي مع وباء الكورونا يصبح الهدف هو إطلاق سراح الموقوفين. وبدل أن تتجذّر التحرّكات وتتوسّع وتصبح جماهيرية يصبح النقاش نخبويا حول تسييس الأمن واستقلال القضاء. ولكن هيهات، ليس بهذا الطعم يمكن اصطيادنا ولن تخدعونا من جديد. فبالوضوح، صراعنا مع المنظومة وليس مع أعوان الحكومة.

  

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×