الرئيسية / صوت الاقتصاد / الشعبوي يقيل موظفة المالية للتنصّل من خياراته الفاشلة
الشعبوي يقيل موظفة المالية للتنصّل من خياراته الفاشلة

الشعبوي يقيل موظفة المالية للتنصّل من خياراته الفاشلة

إعفاء وزيرة المالية سهام نمصية وتعيين القاضية مشكاة سلامة التي شغلت سابقا خطة رئيس لجنة الصلح الجزائي مكانها

بقلم علي المالكي

إملاءات صندوق النقد الدولي دون الاقتراض من صندوق النقد الدولي

لقد تمّت إقالة موظفة المالية بعد التزامها الحرفي بالإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، فميزانية 2025 هي ميزانية صندوق النقد الدولي دون الاقتراض من صندوق النقد الدولي لتضمّنها إصلاحات يطالب بها الصندوق، وقد أعدّت الميزانية حسب 5 محاور وهي:

1) المحور الأول يتعلق بالأجور

التحكم في كتلة الأجور من الناتج وذلك بـ :

  • مواصلة تنفيذ الزيادات العامة للأجور طبقا لاتفاق 15 سبتمبر 2022 وعدم تقديم مقترحات في الترفيع في المنح أوإحداث منح جديدة،
  • ترشيد الانتدابات حسب الأولويات وحسب حاجة القطاعات ذات القيمة المضافة العالية،
  • مواصلة التخفيض التدريجي في عدد خريجي مدارس التكوين خاصة منها التابعة لوزارات الدفاع والداخلية والعدل،
  • الاكتفاء بنسبة 40% ممن تتوفر فيهم شروط الترقية،
  • عدم تعويض الشغورات،
  • ترشيد النفقات بعنوان الساعات الإضافية وإسناد استراحة تعويضية مقابل ذلك.

2) المحور الثاني يتعلق بنفقات التسيير عبر:

  • عدم تجاوز نسبة تطوّر 4% على أن يخصص ذلك لخلاص المتخلدات أو لعمليات التوسعة أو الإحداثات الجديدة.
  • استعمال سيارات المصلحة للأغراض الإدارية دون سواها والتحكم في استعمال الوقود بالنسبة للسيارات الوظيفية.
  • التفويت في السيارات والمعدات التي زال الانتفاع بها.
  • استعمال الفوانيس المقتصدة للطاقة واستعمال الطاقات المتجددة والبديلة.
  • مزيد التحكم في نفقات الاستقبالات والإقامات والمهمات بالخارج.
  • حوكمة نفقات الأكرية وإعادة توظيف العقارات الموضوعة على ذمة الهياكل والوزارات.
  • العمل على ترشيد استهلاك الماء.

3) المحور الثالث يتعلق نفقات التدخلات

وذلك عن طريق مزيد ترشيد نفقات الدعم والتي وصلت إلى حدود 7.2% من الناتج في سنة 2023.

4) المحور الرابع نفقات الاستثمار

وذلك بـ:

  • استكمال المشاريع العمومية خاصة منها الممولة بقروض خارجية موظفة.
  • الانخراط في منظومة “إنجاز” لإدراج البيانات المتعلقة بالتقدم في المشروع.
  • إعطاء الأولوية للمشاريع التي تمّ ضبطها في المخطط التنموي 2023 – 2025 والمنبثقة عن القرارات الرئاسية والمجالس الوزارية.
  • إعطاء الأولوية للمشاريع ذات المردودية العالية والمشاريع الكبرى التي لها تداعيات مباشرة على الجهات وعلى تحقيق أهداف السياسات العمومية.
  • تنويع آليات ومصادر التمويل لإنجاز المشاريع العمومية الكبرى.

5) محور مِنح المؤسسات العمومية:

  • الحث على تعبئة الموارد الذاتية.
  • حصر منحة الدولة في حدود الفارق بين الموارد الحقيقية المنتظرة والحاجات المتأكدة.

وهذه المحاور هي نفسها ما تضمّنته الموازنات السابقة للدولة منذ 2015 وهي تنخرط في إطار جملة الإصلاحات الكبرى التي يطالب بها صندوق النقد الدولي عدى الغموض الذي يكتنف محور الدعم.

إقالة وزيرة المالية

إعفاء وزيرة المالية بعد أن خفضت من الدعم المدرج بميزانية الدولة لسنة 2024 بنسبة 77% للمواد الأساسية و43% للمحروقات إلى شهر نوفمبر 2024 وقد أكد تقرير رسمي نشرته وزارة المالية يتعلق بالنتائج الوقتية لتنفيذ ميزانية الدولة حتى شهر نوفمبر 2024 انخفاضًا كبيرًا في الدعم، فقد بلغت حتى شهر نوفمبر من سنة 2024 5,456 مليون دينار، وهو ما يمثل تراجعًا بنسبة 51% مقارنة بالمبلغ الذي تمّ تخصيصه في قانون المالية الأصلي، والذي حدد ميزانية الدعم بـ 11,337 مليون دينار. ووفقًا للبيانات الرسمية التي نشرتها وزارة المالية، فقد تمّ تسجيل هذا الانخفاض في مختلف مكونات الدعم، حيث بلغت نفقات دعم المحروقات 3,970 مليون دينار، وهو ما يعكس تراجعًا بنسبة 43% مقارنة بالمبلغ المخصص لها في الميزانية الأصلية، والذي كان في حدود 7,086 مليون دينار. أمّا دعم المواد الأساسية، فقد سجّل انخفاضًا أكبر، إذ لم تتجاوز النفقات الموجهة له 803 مليون دينار، أي بانخفاض حاد بنسبة 77.6% مقارنة بالاعتمادات الأصلية في الميزانية التي بلغت 3,561 مليون دينار. ويؤكد هذا التراجع الكبير في نفقات الدعم أنّ النظام التونسي انطلق بوضوح في رفع الدعم عن التونسيين، وهذا ما تأكّد في الفترة الأخيرة باختفاء عديد السلع والمواد الأساسية وندرة وجودها في الأسواق. وتطرح هذا المستجدات تساؤلات حول انعكاساتها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، خاصة في ظل الضغوط التي تواجهها القدرة الشرائية للمواطنين.
إعفاء وزيرة المالية بعد أن مرّرت في ميزانية التفقير ما طلِب منها ونحن نعلم أن قانون المالية لسنة 2025 قد بُنِيَ على قاعدة خطيرة تتمثل في زرع الفتنة بين الفئات الاجتماعية، من خلال إيهام الطبقات الفقيرة بأنّ الذين يعملون ويجتهدون يسرقون مالهم العام، وهو ما يمكن أن يتسبّب في انتشار الحقد بين فئات المجتمع التي تعيش غالبيتها في الفقر والتهميش كنتيجة مباشرة وتراكمية لمنوال تنموي مناول وملحق بدوائر الاقتصاد الرأسمالي النيوليبرالي.
إقالة وزيرة المالية المشرفة المباشرة علي إعداد ميزانية 2025 وما رافقها من جدل حول العدالة الجبائية والتقصير في التعاطي مع السياسة البنكية المجحفة والفشل الذريع في الصلح الجزائي والأداء الديواني. فمداخيل الصلح الجزائي بلغت إلى حدّ الآن 26,9 مليون دينار وشملت 14 متصالحًا فقط وتعدّ هذه المبالغ المحصلة من اللجنة التي عيّنها ساكن قصر قرطاج قيس سعيّد هزيلة ودون المأمول ومخالفة لخطط الأخير. علما وأنّ رئاسة الجمهورية تقدّمت إلى البرلمان – برلمان 8.8 % في شوطه الأول ليبلغ في شوطه الثاني 11 % – بمبادرة تشريعية لتنقيح المرسوم المتعلّق بالصلح الجزائي، وذلك بعد أن فشل مسار الصلح كما قدّمه رئيس الجمهورية قيس سعيّد وراهن على أن يحصد من خلاله 13 مليار دينار يتمّ توظيفها في التنمية الجهوية وفق مقابلة عكسية بين المنطقة الأقل نموّا والخاضع للصلح الأكثر تورّطا، فضلا عن تمويل الشركات الأهلية التي خصّها سعيّد بمرسوم خاص وفتح طرق تمويل ومنح عديدة بالإضافة إلى الامتيازات الجبائية.

ميزانية التداين والتعويل الوهمي على الذات

ورد في ميزانية 2025 أنّ تونس ستتداين حوالي 28 مليار دينار (6.13 مليار دينار خارجيا و21.87 مليار دينار داخليا). وبالتالي فإنّ شعار التعويل على الذات التي ترفعه السلطة ونوابها الأكارم ليس صحيحا وما هو إلا نوع من بيع الوهم. ذلك أنّ دولة تتداين بحوالي 36% من مجموع الميزانية لا يمكن أن تكون إلا مرتبطة بالاقتراض الخارجي والداخلي. فهي إذن محكوم فيها من المانحين الدوليين من ناحية ومن لوبيات البنوك المحلية من ناحية أخرى.

الميزانية الجديدة دون انتدابات

وفقا لتقرير وزارة المالية حول ميزانية الدولة لسنة 2025، فإنّه تمّت برمجة 21 ألفا و376 انتدابا موزّعة على مجموعة من القطاعات، وهي 9207 خطة انتداب في وزارة التربية (تسوية وضعية الأساتذة والمعلمين النواب أي تسوية لشغل هشّ وسمسرة باليد العاملة تمارسها الدولة وأجهزتها بشكل علني) بالإضافة إلى برمجة انتداب 2778 خطة لصالح وزارة الدفاع الوطني وانتداب 1529 خطة لصالح وزارة الداخلية و1080 في وزارة العدل و863 انتدابا في وزارة المالية و3500 في وزارة الصحة و700 انتدابا في وزارة الشباب والرياضة و370 بوزارة الفلاحة والموارد المائية و214 انتدابا بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي و175 في وزارة الشؤون الاجتماعية و153 بوزارة النقل و150 صلب وزارة التشغيل والتكوين المهني و100 انتدابا بوزارة التجارة وتنمية الصادرات و الـ557 انتدابا المتبقية سيتمّ توزيعها على مجموعة من القطاعات.
وفي الأخير الشعب التونسي سيبقى يعاني في الخيارات الفاشلة لسلطة اليمين الرجعي المافيوزي وغياب البرامج الحقيقية القادرة على خلق الثروة.

إلى الأعلى
×