الرئيسية / أقلام / الجبهة الشعبية في عين العاصفة
الجبهة الشعبية في عين العاصفة

الجبهة الشعبية في عين العاصفة

محسن النابتي التيار الشعبي / الجبهة الشعبية

محسن النابتي التيار الشعبي / الجبهة الشعبية

من التفاهمات الكبرى التي تمّت قبل تشكيل الحكومة والتي كانت محل اتفاق كامل بين النهضة والنداء هي التخلص أو على الأقل إضعاف الجبهة الشعبية لأنهم كانوا في اتفاق تام أن الجبهة الشعبية ستكون صداع مزمن لأي حكومة، خاصة في ظل تفاقم الأزمة الاجتماعية وإنهاء الجبهة يعني إنهاء خيار بديل خارج عن السيطرة، لأنهم يعتبرون بقية القوى ممكن ترويضها تحت مسميات الحداثة والهوية. فالنداء له أحزاب تدور في فلكه وحتى وإن غضبت ليس بإمكانها فعل شيء أكثر من التذمر في المكاتب وعلى بعض وسائل الإعلام، بما يُسمح لها. فهل تتصوروا كمال مرجان وحزبه يقومون بمسيرة أو اعتصام، قطعا لا. وبالنسبة للنهضة فأكثر ظاهرة يتصور البعض أنها تقلقها هي حراك شعب المواطنين نظرا لحجم الأصوات التي تحصل عليها المرزوقي، و لكن حراك المرزوقي هو في الأصل حراك النهضة وكل مكونات هذا المسخ تحت الذراع اليمنى للنهضة ستكتم أنفاسها متى أرادت …

إذن بقيت الجبهة بثقلها المعنوي والسياسي وقوة شبابها وتمرس قياداتها سياسيا ونقابيا وحركيا كيان غير قابل للترويض، وأثبتت التجربة خاصة في جبهة الإنقاذ وما بعدها وخلال الدور الثاني للانتخابات الرئاسية وما تعرضت له الجبهة من هرسلة وأيضا في تشكيل الحكومة أنها أمتن مما تصور الجميع وبالتالي كان الاتفاق بينهما على خطورة الجبهة على تصورهما لتونس وهو في الحقيقة ليس تصورهما وإنما تنفيذ استراتيجة كانت ستُنفذ من غير المرور بالثورة وبدأ التحضير لها جديا وفعليا من بداية 2008 تقضي ببساطة بإعادة إنتاج الأنظمة العربية التي انتهت صلاحياتها وشاخت وتآكلت وأصبحت عاجزة عن أداء دورها في حماية مصالح الغرب بأنظمة أخرى تمازج بينها وبين قوى الإسلام السياسي التي تعهدت بالحفاظ على الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة الخارجية وتنحصر مهمتها تقريبا في اعطاء صبغة اسلاموية فارغة من اي مضمون يمكن اي يمس بالمصالح الغربية في اي مستوى كان و هو أمر في نظر واضعي هذه الاستراتيجية سيضفي شرعية وقداسة على النظم القديمة الجديدة دون أي تغيير في قواعد اللعبة في المنطقة و سيساهم في حشد أكثر الناس حولها “عمالة شرعية و مقدسة “.

هذا باختصار شديد أهم معالم النظم العربية التي بدأ التحضير لها منذ مدة ولكن حصل ارتباك على هذه الاستراتيجية بعد 17 ديسمبر 2010 ولكنهم لم يتخلوا عنها بل عملوا بقوة على إعادة عقارب الساعة الى الوراء و نجحوا بشكل كبير في ذلك خاصة في تونس وكل الفاعلين في هذه الاستراتيجية لا شيء يقلقهم أكثر من وجود الجبهة الشعبية فالضلع الأول من المثلث الشيطاني هو الرجعية العربية دولا و مشائخا و قوى عدوها اللدود هو الجبهة الشعبية في تونس والقوى الاستعمارية وخاصة بعد الصعود الكبير للقوى الاشتراكية في قلب أوروبا بعد أمريكا اللاتيينة، لا عدو لها في تونس سوى الجبهة الشعبية والصهيوينة الضلع الثالث للتحالف الشيطاني المعادي للأمة العربية تريد نسف الجبهة الشعبية وهي تعرف الخطورة التي تشكلها الجبهة على مصالحها ومشروعها في تونس …

إذن كل البيئة الخارجية التي تعيش فيها الجبهة الشعبية في تونس تشكل خطورة كبيرة عليها وقد بدأت هذه القوى مجتمعة في تنفيذ الاتفاق الذي حصل كجزء أساسي من رزمة تفاهمات بين النهضة النداء و الفاعلين الخارجيين ولن أعود لأذكر بأن راشد الغنوشي هو القائل أن صندوق النقد الدولي سهل عليهم دخول الحكومة بضمان خلاص الديون ومن غير الجبهة الشعبية يطالب بالتخلص من الديون الكريهة ويرفض سياسات صندوق النقد الدولي؟ قلت بدأ تنفيذ الاتفاق القاضي بضرورة إنهاك الجبهة الشعبية ولما لا حتى إنهاء الظاهرة قبل أن تستشري في أكثر من قطر عربي لتتحول لجبهة شعبية عربية عريضة تجمع كل القوى المعادية للرأسمالية و الاستعمار والصهيوينة والرجعية و تنتهج العمل السلمي المدني للوصول إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وبناء اقتصاديات وطنية منتجة للثروة وغير تابعة وبناء حياة ديمقراطية سليمة وسيادة كاملة وتؤمن بحقوق الانسان والحريات العامة والخاصة و تجمع كل القوى المؤمنة بهذا وتعبأ الجماهير الشعبية بشكل واسع.

لذلك أليس هذا هو نقيض المشروع الرجعي الاستعماري الصهيوني لذلك سيشتدّ الهجوم بشكل كبير وستستعمل فيه أكثر الأساليب انحطاط وقذارة وسيطال الجميع بما فيه الشهيدين إلحاج محمد براهمي وشكري بلعيد ولو بطرق غير مباشرة كالتشويش على القضية من خلال الزج بمعطيات وأشخاص وغيره لإحداث إرباكات و تشويه للقضية في نظر الرأي العام و غيره وانتظروا هذا الأمر قريبا فكثير ممّن لهم باع في هذا الأمر من بقايا مخابرات وجماعات منهارة يتم الآن تجميعها تحت مسميات عدة فقط لتشويه القضية و هي أصبحت جاهزة للانطلاق في عملها والأيام القليلة القادمة ستثبت صحة ما أقوله …

فعلى مجلس أمناء الجبهة الشعبية أساسا أن يتحضر لهذا الأمر لأنه سيكون أكبر امتحان إذا تخطته الجبهة الشعبية بأقل الخسائر نستطيع أن نقول حينها وبكل ثقة لقد عبرنا ولن يوقفنا أحد .

بقلم: محسن النابتي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×