الرئيسية / أقلام / صوت الشّعب: “الظّاهرة الإرهابيّة في تونس وسبل مواجهتها”
صوت الشّعب: “الظّاهرة الإرهابيّة في تونس وسبل مواجهتها”

صوت الشّعب: “الظّاهرة الإرهابيّة في تونس وسبل مواجهتها”

arton4152تعد عملية باردو تحولا نوعيا في العمل الإرهابي الذي يمثل الوجه الأبرز والأفظع للالتفاف على الثورة. فقد انتقل من الجبال إلى المدن، ومن اغتيال القادة السياسيين والأمنيين والجنود، إلى اغتيال المدنيين بشكل عشوائي، مع استهداف أحد أهم القطاعات الاقتصادية، أي السياحة.

حدثت هذه العملية في ظل وضع عام متأزم وغير مستقر.فالمشهد السياسي لم يستقر وهو بصدد التشكل. والحكومة ما تنفك تشير إلى “المصاعب الاقتصادية” التي قد تهدد بالإفلاس إذا لم توجد لها حلول عاجلة. والتحركات الاجتماعية عادت بقوة في شكل إضرابات واعتصامات وإضرابات جوع، ردّا على البطالة وتدهور الظروف المعيشية.

وفي ظل وضع إقليمي متفجر.فالحرب الأهلية قائمة في ليبيا. وهي تلقي بظلالها على الوضع في تونس. والأطراف المتصارعة بما فيها قوى الإرهاب (القاعدة وداعش) لها امتداداتها عندنا وهي تمد أتباعها بالسلاح وتدربهم أو تنتدبهم لصفوفها على عين المكان. وتدفع الحرب بمئات الآلاف من الليبيين إلى الهجرة إلى بلادنا بما يفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. كما أن الوضع في العراق وسوريا مازال قاتما والقوى الإرهابية والفاشية توسّع تأثيرها،(تحكم مساحة تضاهي مساحة فرنسا، وتحكم 10 ملايين نسمة) وهي نفس الأطراف التي لها امتدادات في تونس.

وهذا ما يؤكد أن الظاهرة الإرهابية في تونس ليست معزولة، بل هي حلقة من سلسلة كاملة تمتد من بلاد المغرب إلى العراق واليمن وأفغانستان وباكستان، إضافة إلى أن لها أنصارها، من بين مسلمي أوروبا والولايات المتحدة. وهذه الشبكة الإرهابية وراءها دول ورجال أعمال ومؤسسات وأجهزة مخابرات تلتقي كلها حول مشروع واحد وهو تفتيت الأقطار العربية والإسلامية على أسس طائفية لإضعافها وتسهيل إخضاعها والسيطرة عليها بما يخدم مصالح القوى الاستعمارية الغربية والصهيونية والرجعية العربية.

من هذا المنطلق تأتي خطورة الظاهرة الإرهابية في تونس والتي تمكنت في ظل حكم الترويكا من أن تستوطن وتجد لنفسها حاضنة اجتماعية، متغذية من الفقر والتهميش والضياع الفكري والثقافي. ومن هذا المنطلق أيضا يأتي التأكيد على أن الحسم معها لن يكون بسيطا بل سيأخذ وقتا. ومما يدعم هذا الاحتمال هو هشاشة الوضع السياسي والاقتصادي والأمني في تونس.كل هذا يدعونا إلى ضرورة أخذ الظاهرة مأخذ الجد. والنظر في كيفية مواجهتها.

العملية الإرهابية والتحالف الحاكم

من الواضح أن التحالف الحاكم يتجه إلى استغلال هذا الوضع لمزيد الالتفاف على المسار الثوري وإجهاض طموحات الطبقات والفئات الشعبية وفرض سيطرته على الشعب وذلك بـ:

  • الدعوة إلى التصالح مع نظام بن علي ورجال الأعمال الفاسدين في عهده وغض الطرف على جرائم الترويكا والالتفاف على العدالة الانتقالية .وهو ما أشار إليه الباجي قائد السبسي في خطابه بمناسبة 20 مارس.
  • الدعوة إلى “السلم الاجتماعية” أو إلى “هدنة اجتماعية” وهو ما يعني تجريم النضال الاجتماعي وخلق مناخ مناسب لتمرير “الإصلاحات” اللاشعبية واللاوطنية المملاة من المؤسسات المالية الدولية. وقد أشار إلى ذلك رئيس الدولة في خطابه يوم 20 مارس حين تحدث عن “القيام بإصلاحات موجعة وهيكلية”. كما أن عدة وسائل إعلام وعدة سياسيين انبروا يتهجّمون على الاحتجاجات الاجتماعية ويدينون منظميها.
  • التضييق على الحريات الفردية والعامة وانتهاك حقوق الإنسان وإعادة رموز القمع من عهد بن علي إلى مناصبهم بدعوى “الخبرة”.

كل هذه الأساليب جديدة قديمة تستعملها كل الرجعيات في العالم حين تحصل أعمال إرهابية. ويمكن أن تجد صدى في صفوف بعض الفئات التي تنزع إلى الحلول الأمنية نتيجة ضعف وعيها.

السبيل لمواجهة هذه الظاهرة

لا شك أن نتائج الإرهاب وخيمة على الطبقة العاملة والشعب عامة وكذلك على الوطن: العنف والقتل والتشريد، ضرب الحريات، تدهور الظروف المعيشية والخدمات الاجتماعية والثقافية، التدخل الأجنبي الخ…لذلك من الواجب عدم ادّخار أي جهد في النضال ضد الإرهاب دفاعا عن العمّال والشعب، دفاعا عن الشباب والنساء والمثقفين والمبدعين.وتأمين النجاح في ذلك يفترض الربط بين مكافحة الإرهاب وبين أهداف الثورة، بين مكافحة الإرهاب وبين تحقيق مطالب الشعب ومواجهة كل محاولة لاستعمال مقاومة الإرهاب لتبرير انتهاك الحريات وحقوق الإنسان،وللادّعاء بأن مقاومة الإرهاب تتعارض مع المسألة الحقوقية، وهو ما نسمعه من أكثر من جهة: “لا حقوق إنسان مع الإرهاب”.

وفي هذا الاطار يأتي مطلب “المؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب” لـ“وضع إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب”، بمضامين اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية ودينية ودبلوماسية، ديمقراطية وتقدمية.

وفي خصوص “الوحدة الوطنية” يجب الربط بينها وبين وحدة الشعب، عبر التركيز على المحتوى والتأكيد على أن أكبر ضمان لوحدة الشعب يكمن في احترام حريته وحقوقه وكرامته وبناء مؤسسات ديمقراطية قوية وإصلاح المنظومة الأمنية والقضائية والإدارية ووضع سياسية اقتصادية تضمن الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة للشعب.وبعبارة أخرى لا وحدة وطنية مع انتهاك حرية الشعب وحقوقه وكرامته.

               “صوت الشّعب” العدد 169

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

19 − 5 =

إلى الأعلى
×