الرئيسية / أقلام / رفيقة الرقيق: الأمومة وظيفة اجتماعيّة تتحمّل مؤسّسات الدّولة والمجتمع مسؤوليّة حمايتها
رفيقة الرقيق: الأمومة وظيفة اجتماعيّة تتحمّل مؤسّسات الدّولة والمجتمع مسؤوليّة حمايتها

رفيقة الرقيق: الأمومة وظيفة اجتماعيّة تتحمّل مؤسّسات الدّولة والمجتمع مسؤوليّة حمايتها

رفيقةتعتبر المساواة في الفرص بين الجنسين والالتزام بحماية الأمومة وتوفير الإطار القانوني والتشريعي  الملائم من التحدّيات الرّئيسيّة لضمان مشاركة اليد العاملة النّسائية في خلق الثروة وبناء الوطن وفي هذا الإطار تتنزّل أهمّيّة المصادقة على اتّفاقيّة منظّمة العمل الدّوليّة عدد183 المسمّاة اتّفاقيّة حماية الأمومة.

لقد حقّقت المرأة التونسية مكتسبات عديدة وهي على نواقصها تعتبر من أفضل ما تحقّق في البلدان العربية وحتّى في بعض البلدان الغربية. غير أنّ هذه المكاسب بدت مهدّدة بالتّراجع والالتفاف عليها وهو ما يملي علينا جميعا، أحزابا ومنظّمات ومكوّنات مجتمع مدني ومواطنيين وخاصّة النّساء، التصدّي بقوّة لهذه المساعي لمنع العودة بالنساء إلى منزلة الدّونيّة. 

 1 – حقوق المرأة وحماية الأمومة في الدّستور والتّشريعات

 إنّ المصادقة على الاتّفاقيّة تفتح الباب لتطوير القوانين المحلية وتسهّل خلق التّناسق اللاّزم بين الدّستور وبقيّة القوانين والتّشريعات الخصوصيّة التي تكفل عمليّا حماية حقوق المرأة.

لقد تضمّن الدّستور التّونسي الجديد جملة من الأحكام التي تتماشى وروح الاتّفاقيّة والتي يمكن أن تكون هي ذاتها قاعدة لتشريعات أخرى تكرّس مبادئها وأهدافها. فما هي هذه الأحكام وما مدى تماشيها مع نصّ الاتفاقية؟

جاء في الدستور التونسي  الفصول التالية:

           · الفصل 20: علوية المعاهدات الدولية على القوانين والمعاهدات الموافق عليها من قبل المجلس النيابي والمصادق عليها أعلى من القوانين وأدنى من الدستور.

           · الفصل 40: العمل حقّ لكلّ مواطن ومواطنة. وتتّخذ الدّولة التّدابير الضروريّة لضمانه على أساس الكفاءة والإنصاف

ولكلّ مواطن ومواطنة الحقّ في العمل في ظروف لائقة وبأجر عادل.

           · الفصل 46: تلتزم الدّولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتدعم مكاسبها وتعمل على تطويرها

           · الفصل 47: حقوق الطّفل على أبويه وعلى الدّولة ضمان الكرامة والصحة والرّعاية والتربية والتعليم. وعلى الدّولة توفير جميع أنواع الحماية لكلّ الأطفال دون تمييز ووفق المصالح الفضلى للطّفل.

غير أنه وفي انتظار ترجمة هذه الأحكام في قوانين تطبيقية نلاحظ أنّ القوانين والتّشريعات الجاري بها العمل إلى اليوم مازالت تكرّس:

التّفريق بين الأم العاملة في القطاع الخاص والأم العاملة في القطاع العام من حيث طول مدّة الأمومة وساعات الرّضاعة واعتبار عطلة الولادة خالصة الأجر في القطاع العام في حين تعتبر منحة ولادة في القطاع الخاص.

البون الشاشع بينها وبين ما يُقرّ به الدستورمن مسؤوليّة الدّولة في حماية الطفل ورعايته.

غياب الخدمات الاجتماعية الكفيلة بتخفيف العبء على الأسرة في الاهتمام بالأطفال من دور حضانة عمومية بأسعار معقولة في متناول الأسرة (مطاعم مدرسية، فضاءات تربوية مكمّلة للمؤسسة التربوية كقاعات المراجعة المراقبة والنوادي التثقيفية والرياضية الخ…).

فالفصل 64 من مجلة الشغل ينصّ على:

في المؤسّسات على اختلاف أنواعها باستثناء المؤسّسات التي يستخدم فيها خاصّة أفراد العائلة الواحدة فإنّ المرأة:

         · بمناسبة الولادة يكون لها الحق عند إدلائها بشهادة طبية في عطلة للرّاحة مدّة 30 يوما وهذه العطلة يمكن تمديدها كلّ مرّة بما قدره 15 يوما إذا وقع تبرير ذلك بشهادة طبّيّة.

       · لها الحقّ في جميع الحالات، إذا كانت ترضع طفلها من ثديها وطيلة تسعة أشهر ابتداء من يوم الولادة، في راحتين في اليوم كلّ منها ذات نصف ساعة أثناء ساعات العمل لتتمكّن من إرضاع طفلها…

أمّا الفصل 48 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية فينصّ على أنّ: عطلة الولادة مدّتها 60 يوما مع استحقاق كامل الأجر. ويمكن الجمع مع عطلة الاستراحة 4 أشهر بنصف المرتّب.

وينصّ الفصل 48 مكرّر على: راحة رضاعة بساعة مرّتين في اليوم مدّة 6 أشهر بعد الولادة.

 2 – ماذا تضمن اتّفاقيّة حماية الأمومة لمنظّمة العمل الدّولية للمرأة العاملة؟

تضمن:

  • المادة 3: الحماية الصحية حيث لا تضطرّ المرأة الحامل أو المرضع إلى أداء عمل تعتبره السّلطة المختصّة ضارّا بصحّة الأمّ والطفل.
  • المادة 4: عطلة أمومة قبل وبعد الولادة لا تقلّ عن 14 أسبوعا خالصة الأجر.
  • المادة  8: الحماية في مجال الاستخدام ومنع التّمييز، فتجرّم طرد العاملة بسبب الحمل أو الولادة
  • المادة  6: الخدمات الصحية والإعانات النقدية، إذ تمكّن الأم العاملة من الخدمات الصحية اللاّزمة وقت الحمل وبعد الولادة ومن إعانات نقديّة لا تقلّ عن ثلثي كسب المرأة السّابق وحيث لا تستوفي المرأة الشّروط المؤهّلة للإعانات النقدية يكون من حقّها الحصول على إعانات مناسبة من صناديق المساعدة الاجتماعية.

 كما هو واضح في بنود الاتّفاقيّة فإنّ مسألة حماية الأمومة مسألة اجتماعيّة بامتياز لا تعني الأسرة وحدها بل المجتمع ومؤسّسات الدّولة ككلّ (المنظومة التربوية والمنظومة الصحية  ومؤسّسات الخدمات العامّة والمنظّمات الوطنيّة المهنيّة ومنظّمة الأعراف..) وهذا يلقي على عاتق مكوّنات المجتمع المدني والدّيمقراطي مسؤوليّة الضّغط من أجل المصادقة على الاتّفاقيّة وفرض تطبيقها.

لذلك رفعت منظّمة مساواة منذ تأسيسها شعار “لنناضل معا من أجل مصادقة الحكومة التونسية على الاتّفاقية الدّولية لحماية الامومة” وجعلت منه واحدة من أولويّاتها. وفي الإطار ذاته وقناعة منها بأنّ الأمومة هي وظيفة اجتماعيّة تتحمّل مؤسّسات الدّولة والمجتمع مسؤوليّة حمايتها، ركّزت منظّمتنا بما في ذلك في اليوم التّحسيسي الذي نظّمته يوم الأحد الماضي (25 ماي 2014) بحديقة البلفدير بالعاصمة على جملة من المطالب الملحّة وخاصّة:

–   توحيد عطلة الأمومة في القطاعين العام والخاص على أن لا تقلّ عن 14 أسبوعا خالصة الأجر.

–   توحيد مدّة الرّضاعة بالقطاعين بساعتين في اليوم.

–    توفير دور الحضانة العموميّة وتعميمها.

رفيقة الرقيق

المنسّقة الوطنيّة

لمنظّمة مساواة

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×