الرئيسية / صوت الوطن / البلديّات المحدثة، بين فكّي الفقر ولا مبالاة الحكومات
البلديّات المحدثة، بين فكّي الفقر ولا مبالاة الحكومات

البلديّات المحدثة، بين فكّي الفقر ولا مبالاة الحكومات

جميعنا اعتبرنا أنّ البلاد التونسية قد خطت خطوة مهمة في مسار تكريس التجربة الديمقراطية بعد مصادقة البرلمان التونسي على مشروع القانون الأساسي الخاص بـ”مجلة الجماعات المحلية” وذلك بموافقة 147 نائبا وتحفّظ 10 نواب آخرين. واعتبرنا أنّ المصادقة هي الخطوة الأولى نحو ثورة جذريّة على السلطة المركزية التونسية وإعلانا لنهاية عقود من الدولة المركزية التي يبدو أنها تجربة لم تأت أكلها وأصبحت دون جدوى والتجارب العالمية عديدة في ذلك.

ولكن بعد سنتين من تركيز آليات الحكم المحلي يبدو أنه من الضروري إعادة مراجعة هذه القوانين بكل جدية لأنّ وضعية بعض البلديات وخاصة المحدثة منها والبالغ عددها 86 بلدية لا تبشّر بخير ولا تعكس نجاح هذه التجربة، رغم تعمّد المسؤولين إخفاء ذلك.

86 بلديّة محدثة… دون إمكانيات!

أجمع جميع رؤساء البلديات المحدثة أنهم يعانون مشاكل بالجملة، من حيث الإمكانيات المادية والبشرية ونقص التأطير. ومن المضحكات المبكيات في تونس، أنّ بعض البلديات المحدثة تتكون فقط من رئيس بلدية وكاتب عام، وحتى أنّ هناك رئيس بلدية محدثة نتحفّظ عن ذكر اسمه يقوم بمفرده بفتح باب مقر البلدية وإغلاقه والإجابة عن الهاتف. بلديات دون مقرات، دون عملة، دون معدات نظافة ودون إمكانيات مالية، رغم أنّ الحكومة في كلّ مرة ووزارة الشؤون المحلية تصدع آذاننا بالحديث عن الأموال المرصودة للبلديات المحدثة والهبات والإعانات، لتبقى كلها حسب تقدير البلديات المحدثة مجرّد كلام على ورق…

العيون: بلديّة محدثة تعاني مشاكل عديدة

 أُحدثت بلدية العيون الواقعة شمال ولاية القصرين في 11 سبتمبر 2015، وتمّ تعيين نيابة خصوصية لها يوم 11 جانفي 2016 وتنصيبها يوم 5 أوت من نفس السنة، ويبلغ عدد سكانها 19461 ساكنا. وهي تضم 6 عمادات أو دوائر بلدية: العيون، وعين السلسلة، والبواجر، وتوشة، البرك والقرين، ويغلب على هذه المنطقة البلدية الطابع الريفي اذ يعتمد جلّ سكّانها على النشاط الفلاحي وتربية الماشية.

تفتقر هذه البلدية حديثة النشأة، إلى أبسط المرافق الضرورية للحياة، مثل محطة تطهير وبنية تحتية جيّدة ومسلخ وسوق بلديين ومحطة للنقل العمومي والخاص وشباك موحّد لتقريب الخدمات من المواطنين لاسيما خدمات الشركة التونسية للكهرباء والغاز في ظل الانقطاعات المتكرّرة للتيار الكهربائي وقباضة مالية وفرع للصندوق الوطني للتأمين على المرض وفرع بنكي أو موزّع آلي، وتفتقر إلى ملاعب رياضية وحدائق ومنتزهات للعائلات.

وتشكو أيضا من غياب تام للمؤسسات الصناعية والخدماتية ومن ارتفاع نسبة بطالة شبابها خاصة في صفوف خرجي التعليم العالي، الذي يناهز عددهم حاليا 500 شاب وشابة، وتعاني أيضا من تدهور ملحوظ لطرقاتها التي لا ترتقي إلى مستوى المسالك الفلاحية ومن تقادم شبكة التنوير، ومن تدنّي وضعها البيئي بسبب إقدام أغلب متساكني المنطقة البلدية اضطرارا لا اختيارا على تصريف المياه المنزلية المستعملة في مجار مكشوفة في ظل غياب محطة تطهير، وهو ما تسبّب في تشويه المنظر العام للمنطقة وفي انتشار الأمراض.

تلالسة: بلدية محدثة في منطقة صرف مياه!

من العجائب الغريبة في تونس، أن تُبنى منطقة بلدية كاملة في منطقة صرف مياه، نعم الأمر غريب بعض الشيء، لكنها الحقيقة فعلا، فبلدية تلالسة المحدثة (ولاية المهدية) مبنية في منطقة صرف مياه، حيث تعاني دائما من الفيضانات وتراكم المياه. ويُذكر أنّ البلدية قد توجهت إلى السلط المعنية عديد المرات للتدخل العاجل نظرا إلى أنها بلدية محدثة ولا تملك الإمكانيات اللاّزمة لإيجاد حل للمشكل. وما زاد الوضع خطورة هو وجود عدد كبير من البناءات الفوضوية والعشوائية في مجرى الواد والتي تعود إلى قديم السنين، وسط غياب تام للمساندة والدعم الحكومي.

زالبة: بلدية محدثة كلّ أراضيها ذات صبغة فلاحية

إنّ أكبر مشكل يواجه بلدية زالبة (ولاية المهدية) المحدثة هو سوء البنية التحتية، حيث أنّ جميع طرقات المنطقة هي مسالك فلاحية تتعطل الحركة فيها بعد نزول الأمطار، إضافة إلى وجود إشكال كبير في تغيير صبغة الأراضي بالجهة لتكوين رصيد عقاري للبلدية، نظرا إلى أنّ جميع الأراضي بالجهة ذات صبغة فلاحية.

مشاكل عديدة، نقائص بالجملة، مواطنون يشتكون، مسؤولون يعانون رغم جميع الصلاحيات الموكلة أليهم… وأمّا عن الحكومة فلا حياة لمن تنادي، فإلى متى ستنتهج الدولة التونسية نهج إخفاء الحقيقة وتلميع الواقع العفن؟؟؟

صوت الشعب

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×