الرئيسية / الافتتاحية / وزير المالية يدفع بالأزمة إلى منتهاها..
وزير المالية يدفع بالأزمة إلى منتهاها..

وزير المالية يدفع بالأزمة إلى منتهاها..

يكاد لا يمرّ يوم دون أن نتأكد من أنّ هذه الحكومة ليست سوى نسخة من الحكومات المتعاقبة. وهي كسابقاتها تماما تسعى وبشكل ممنهج إلى مزيد تأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. الإضرابات لم تتوقف في كل القطاعات ولكن الوزراء لا يُحرّكون ساكنا ولا يسعون إلى إيجاد الحلول عبر الجلوس إلى طاولة التفاوض والحوار، رغم أنّ كل الإضرابات أصبحت من أجل المطالبة بتطبيق اتفاقيات سابقة ومجمّدة من قبل هذا الوزير أو ذاك.

هذا هو حال أعوان الجباية والاستخلاص التابعين لإدارتي المحاسبة العمومية والاستخلاص ومراقبة الأداءات التابعين لوزارة المالية. فمنذ عقود وهذا القطاع يناضل من أجل نظام أساسي يراعي خصوصياته. وقد شهد عديد النضالات وقدّم عديد التضحيات من أجل ذلك. وفي كل مرة كانت الوزارة تواجهه بالتسويف والمماطلة. وخلال المفاوضات الأخيرة لمجموعة خمسة زائد خمسة توصّل الاتحاد العام التونسي للشغل إلى إبرام اتفاقيات قطاعية ثابتة ومن بينها الاتفاقية التي تهم قطاع الجباية والاستخلاص والتي تنصّ على نشر الأمر بالرائد الرسمي آخر شهر مارس الماضي على أقصى تقدير. ولكن الوزارة لم تحترم هذا الاتفاق. بالإضافة إلى ذلك فللقطاع، وككل القطاعات، استحقاقات مالية مثبتة قانونا ومكتسبة تاريخيا دأب الأعوان على التمتع بها حسب مقاييس وضوابط محددة قانونا، وبما أنّ سنة 2020 كانت سنة استثنائية وغير عادية بسبب جائحة كورونا (الحجر الشامل، العمل بنظام الفرق، تأجيل دفع الديون، تأجيل التصريح…) وباعتراف كل دول العالم وكل مؤسساته المالية والاقتصادية و الاجتماعية والسياسية فإنّ الأهداف لم تتحقق بالشكل المحدد، ولكن وزارة المالية وفي شخص الوزير تحديدا أبى إلاّ أن يسبح ضد التيار، فلم يعترف باستثنائية السنة المالية الفارطة ولم يعترف بالمجهودات الاستثنائية لأعوان الجباية والاستخلاص باعتبارهم أهم حلقة من حلقات الميزانية، فقرر، ودون سابق إعلام ودون تشريك الطرف النقابي في ذلك، التخفيض في الاستحقاقات المالية للأعوان وحرمانهم من حق تاريخي لم يتجرأ عليه أيّ وزير من قبله، هذا وقد تزامن هذا القرار مع سفر الوفد الحكومي إلى واشنطن للتفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض مقابل تقديم عديد التعهدات والالتزامات المتعلقة أساسا بالتخفيض في كتلة الأجور ورفع الدعم وغيرها.

وأمام هذا الانقلاب على مكاسب الأعوان، وأمام إرادة وزير المالية تجويع بنات القطاع وأبنائه، فقد قررت كل النقابات الأساسية في كامل الجمهورية وبدعم من الجامعة العامة للتخطيط والمالية وبعض مكاتب الاتحادات الجهوية للشغل تنظيم وقفات احتجاجية أمام مراكز العمل في مرحلة أولى. ولكن الوزارة لم تعبأ بهذه الاحتجاجات وتمسكت بقرارها وتعنتها ممّا دفع بكل النقابات الأساسية إلى الدخول في إضراب احتجاجي بخمسة أيام ثم إلى يوم 17 ماي حيث سيتم التظاهر أمام الوزارة في تجمع عام يضم كل بنات وأبناء القطاع من كامل الجمهورية. ومن الضروري التأكيد على أنّ الوزارة لم تكتف بهذا الحد من التعنت والتصلب بل مارست سياسة الهروب إلى الأمام واعتبرت أنّ الإضراب غير شرعي في بيان موجه إلى الرأي العام، وفي ذلك تحريض مباشر على الفتنة والاعتداء على الأعوان وعلى القباضات المالية ومكاتب مراقبة الأداءات. وهو ما يؤكّد أنّ هذه الحكومة غير قادرة على تحقيق السلم الاجتماعي ولا على تحقيق التنمية لأنّ الباب الرئيسي للتنمية هو رأس المال البشري، وبسياستها المعادية للشعب هذه فهي ستقود البلاد إلى المجهول.

عياشي بالسايحية

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×