إضراب التعليم الثانوي هو نتيجة لانقلاب السلطة على اتّفاقيات سابقة ورفضها التفاوض الجدّي من أجل الحقوق المادية والمعنوية للمربّين
- أزمة الاتّحاد ليست جديدة وتعود إلى عقود من الزمن وأهم أسبابها الديمقراطية الداخلية
- الأزمة الخانقة التي يعيشها الاتّحاد تركت الفرصة للحكومة للانقضاض على حقوق العمّال
- حادثة المزونة كشفت حجم الدمار الذي لحق مؤسّساتنا التربوية والوجه القبيح للسلطة
في أيّ ظرف يحيي العمال والنقابيون في تونس عيد العمال العالمي هذه السنة؟ وما تأثير أزمة الاتحاد في ذلك؟
يحيي النقابيون وعموم العمال في تونس عيد العمال العالمي في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية حادة، حيث الاعتداء على الحقوق المكتسبة للشغالين وخصوصا المادية منها وتدهور مقدرتهم الشرائية والارتفاع الجنوني للأسعار وتجميد الأجور أو قضمها وتدهور الخدمات وطرد وتسريح العمال وضرب الحق النقابي و محاولة ترذيله وأساسا حق التفاوض. بالإضافة إلى الاعتداءات على الحريات الفردية والعامة واستهداف العمال وخصوصا النقابيين منهم من خلال المضايقات والطرد التعسفي والمحاكمات مع تراجع الأوضاع المادية والمعنوية وتدهور الخدمات، بالإضافة إلى انتشار الفقر والانتحار والجريمة وتعاطي المخدرات والحرقة.
ينضاف إلى هذه الظروف الأزمة الخانقة التي يعيشها الاتحاد والتي تركت الفرصة للحكومة للانقضاض على حقوق العمال واستفرادها بمراجعة مجلة الشغل وتناولها لعديد الملفات دون تشريك الاتحاد.
مرّ الاتحاد في المدة الأخيرة بأزمة حادة؟ حسب رأيكم ما هي أسبابها وما هي محاور الصراع فيها وإلى ماذا ستنتهي حسبما تتوقعون؟
أزمة الاتحاد ليست جديدة وتعود إلى عقود من الزمن وأهم أسبابها الديمقراطية الداخلية حيث استفحل نمط التسيير البيروقراطي لعدة سنوات. ورغم أنّ الفصل 10 من القانون الأساسي الذي أقرّه مؤتمر جربة إلا أنّ السلوك البيروقراطي تواصل في جميع الهياكل وأساسا في المكتب التنفيذي الوطني.
تمّت محاولة الانقلاب على الفصل 10 خلال مؤتمر المنستير ثم تمّ الإعداد لذلك قبيل الثورة إلا أنّ الثورة حالت دون ذلك لتتواصل المحاولات خلال مؤتمر قمرت 2017، ثم جاء المجلس الوطني صيف 2021 والذي دعا إلى مؤتمر سوسة غير الانتخابي والهدف منه تنقيح الفصل 20 (10 سابقا) وتمّ ذلك ليلة مؤتمر صفاقس الذي أفرز مكتبا تنفيذيا مبنيّا على ترضيات وتوازنات نيابية وهذا ما زاد في استفحال الأزمة خصوصا في ظل منظومة حاكمة لا تؤمن بالعمل النقابي وترفض الحوار ووجود نقابيين غير مولين لها. بالإضافة إلى غياب خطة نضالية واضحة من أجل الدفاع عن حقول العمال المادية والمعنوية والتصدي للارتفاع الجنوني للأسعار وعدم وضوح الموقف في علاقة بالحقوق الفردية والعامة و أساسا الحق النقابي والصمت الرهيب على قمع الحريات.
الحركة الاحتجاجية والإضرابية تعود تدريجيا ومنها إضرابات الأساتذة، ما هو تفسيركم لهذا النهوض وكيف سيتطور في المستقبل؟
إضراب التعليم الثانوي نتيجة لانقلاب السلطة على اتفاقيات سابقة ورفضها التفاوض الجدي من أجل الحقوق المادية والمعنوية للمربين وضربها للحق النقابي بأشكال مختلفة. فأمام تدهور المقدرة الشرائية وتفاقم ظاهرة العنف المسلط على المدرسة العمومية وتدخّل القضاء في مسائل التربوية وبيداغوجية واهتراء البنى التحتية للمؤسسات التربوية وعدم جدية السلطة في إصلاح تربوي عميق وشامل وتشاركي ورفضها للحوار الجدي قررت الهيئة الإدارية لقطاع التعليم الثانوي مسارا نضاليا انطلق بإضراب يوم 26 فيفري ثم انعقدت الهيئة الإدارية من جديد لتقرر إضرابا يومي 28 و29 ماي قبل أن تغيّر وزارة التربية وفي قرار ارتجالي رزنامة امتحانات الأسبوع المغلق في محاولة منها للتضييق على الحق النقابي غير مبالية بما سينجرّ عن ذلك من إرباك للمسألة التربوية وتقليص الزمن المخصص لإنهاء البرنامج وسيكون للقطاع ردّ على قرار الوزارة.
شهدت مدينة المزّونة مؤخرا احتجاجات شعبية عارمة إثر استشهاد عدد من التلاميذ وكان ملف التربية والتعليم في قلب الحدث وكشفت الأحداث عن حقائق مريرة في هذا القطاع. هل لكم أن تقدّموا إلى الرأي العام فكرة عن الموضوع وماذا أعددتم كنقابة عامة بخصوصه؟
في يوم الاثنين 14 أفريل 2025 شهد المعهد الثانوي ابن حزم بمدينة المزّونة من ولاية سيدي بوزيد حادثة مأساوية تمثلت في انهيار جزء من سور المؤسسة أدّى إلى وفاة ثلاثة تلاميذ تتراوح أعمارهم بين 18 و19 سنة. أثارت هذه الحادثة موجة من الغضب والاحتقان كشف خلالها أهالي الجهة ومنظمات المجتمع المدني وأساسا الجامعة العامة للتعليم الثانوي وفروعها الجامعية ونقاباتها الأساسية حجم الدمار الذي لحق بمؤسساتنا التربوية وخصوصا بالبنى التحتية نتيجة سياسة الإهمال التي تمارسها المنظومة الحاكمة وسعيها إلى ضرب التعليم العمومي والتخلي عنه. كما عرّت حادثة المزونة عن استهتار الحكومة وأساسا وزارة التربية وعدم جديتها في البحث عن حلول ومعالجتها للمشاكل التربوية معالجة عميقة بالبحث عن كبش فداء للتغطية عن عجزها وتقصيرها حيت سارعت السلطة إلى إيقاف مدير المعهد بتهمة القتل عن وجه الخطأ ثم الإفراج عنه لاحقا بعد تحركات وضغط المربين وأهالي الجهة بما في ذلك عائلات المتوفين.
حادثة كشفت حجم الدمار الذي لحق مؤسساتنا التربوية والوجه القبيح للسلطة.
وأنتم تعدّون لإضراب في قطاع الأساتذة بما تتوجه إلى زملائكم؟
أخيرا ونحن نعدّ لإضراب يومي 28 و29 أقدمت وزارة التربية على تغيير رزنامة امتحانات الأسبوع المغلق في محاولة للالتفاف على القرارات النضالية للهيئة الإدارية القطاعية ومواصلة للتضييق على العمل النقابي ورفض الحوار في مطالب الأساتذة والتفاوض في ظروف العمل المزرية غير مكترثة بما سيحصل من إرباك للعملية التربوية بتقليص الحيز الزمني لإتمام البرامج وإنجاز الامتحانات بما يسلط ضغطا على التلاميذ والإطار التربوي.
أدعو زميلاتي وزملائي وكل النقابيين إلى الوحدة ورصّ الصفوف والتفكير في أشكال نضالية بديلة من أجل حقوقنا.